نام کتاب : لباب الآداب نویسنده : الثعالبي، أبو زيد جلد : 1 صفحه : 34
عَتادُها، عَسكرٌ وافرُ المَددِ، كثيفُ العَدَد، كثيرُ العُدَد، ما هُم إلا بحارٌ، ماؤها من حديد، وجبال من بأسٍ شَديد.
وصفُ الأبطالِ وأبناء الحروب
كُل شُجاع قد تعود الإقدام، حيث تزلُ الأقدام، وبَطل يرى الإحْجام عاراً لا تمحوهُ الأيام، سَيفُهُ أمُ الآجال، ورُمحهُ يُتْم الأَطفال، ما لسَيفِهِ غير الرقاب قراب، وقد مَلأَ الأرضَ دماءً، والسماء هباء حجل الخيلَ بدماء أعدائهِ، وجعل هاماتِهم قلانسَ رماحِه، رُمحهُ الطويل يقصِّر آجالَ الرجال، هم كالأسود إقداماً، والنيران اضطراماً، هم أُسود الحربِ في غابة الحديد، حملاتهم أَتيُ السيلِ، ومجيئُهم مجيءُ الليلِ، أبناء الغايات، وليوثُ الغابات، الحروب دأبهُم، والجدُ آدابهُم، والنصر طُعمهم، والعَدو غُنمهم، قلوبُ أسودٍ في صدور رجالٍ، ورياح زعازعٍ في ثياب جبال، هم على الأعداء بلاءٌ واقع، وسُمُ ناقعٌ.
تعبئةُ الجيوشِ وحُسن ترتيبها
رتب مولانا المقاوم عموماً وخصوصاً، وعَبى المقانب بنياناً مَرْصوصاً، أمر بتَسوِيَةِ الصفوف التي لا خلل بها، وانتضى السيوفَ التي لا خَلل لها، عَبى جيوشَه المتصورة ميامَن تضمنت اليُمن، ومياسر شافَهَتِ اليُسر، ووقف في القلب يَسَعُ الزمان، ويرجح الجبال، رَتّبَ فلاناً في ميمنتهِ التي يقاربُها اليمن والنجاح، وفلاناً في مَيسَرته التي يقارنها اليُسر والفلاح، وصار هو وغِلمانهُ قلباً قالباً لما قابله ناكساً لما واجهه.