575- أَبْعَدُ مِنَ النّجْمِ، وَمِنْ مَنَاطِ الْعَيُّوقِ، وَمِنْ بَيْض الأَنُوقِ، وَمِنَ الكَوَاكِب.
أما النجم فإنه يُرَاد به الثريا، دون سائر الكواكب، ومنه قول الشاعر:
إذا النَّجْمُ وافَى مَغْرِبَ الشمس أجحرت ... مقارى حيى وَاشْتَكَى العُذْرَ جَارُهَا
وأما العَيُّوق فإنه كوكب يطلُع مع الثريا، قال الشاعر:
وإن صُدَيّاً والمَلاَمة ما مشى ... لَكالنَّجْمِ وَالْعَيُّوق ما طَلَعَا مَعَا
صُدَى: قبيلة، أي هي أبدا مَلُومة، والملامة تمشي معها لا تفارقها.
وأما بَيْضُ الأنُوق فهو - أعني الأنوق - اسم للرخَمَة، وهي أبعد الطير وَكْرا، فضربت العرب به المثل في تأكيد بُعْدِ الشيء وما لا يُنَال، قال الشاعر:
وكُنْتُ إذا اسْتُودِعْتُ سرا كَتَمْتُهُ ... كبيض أَنُوقٍ لا يُنَال لها وَكْرُ
576- أَبْصَرُ مِنْ فَرَس بَهْماء فِي غَلَسٍ.
وكذلك يضرب المثل فيه بالعُقَاب فيقال:
577- أَبْصَرُ مِنْ عُقَاب مَلاعِ.
قال محمد بن حبيب: مَلاَع اسم هَضْبة، وقال غيره: مَلاَع اسم للصحراء، قال: وإنما قالوا ذلك لأن عُقَاب الصحراء أبْصَرُ وأسْرَع من عقاب الجبال، ويقال للأرض المستوية الواسعة: مَلِيع، ومَيْلَع أيضا، قال الشاعر (هو امرؤ القيس بن حجر الكندي) يصف إبلا أُغِيرَ عليها فذهبت:
كان دِثَارًا حَلَّقَتْ بلَبُونِهِ ... عُقَاب مَلاَع لا عُقَاب الْقَوَاعِلِ
دِثار: اسم رَاعٍ، والقواعل: الجبال الصغار، وقال أبو زيد: عقاب مَلاع هي السريعة، لأن المَلْع السرعة، ومنه يقال: ناقة مَلُوع ومَلِيع أي سريعة، وقال أبو عمرو بن العَلاَء: العرب تقول: أنت أخَفُّ يداً من عُقَيِّبِ ملاع، وهي عُقَاب تصطاد العصافير والْجُرْذَانَ.
578- أَبْصَرُ مِنْ غُرَابٍ.
زعم ابن الأعرابي أن العرب تسمي الغراب أعْوَر لأنه مُغْمِض أبدا إحدى عينيه مقتصر على إحداهما من قوة بَصَره، وقال غيره: إنما سَمَّوه أعور لحدة بصره على طريق التفاؤل له، وقال بشار بن برد:
وقد ظَلَمُوه حين سَمَّوه سيدا ... كما ظلم الناسُ الغرابَ بأعْوَرَا
قال أبو الهيثم: يقال: إن الغُرَاب -[116]- يُبْصر من تحت الأرض بقَدْر منقاره.