نام کتاب : مصادر الشعر الجاهلي نویسنده : الأسد، ناصر الدين جلد : 1 صفحه : 140
وثمة ألفاظ أخرى ذكرنا بعضها في الفصل الأول، وليس من هدفنا استقصاء هذا البحث، وإنما أوردنا هذه اللمحة العامة لنبين أن الألفاظ التي كانوا يطلقونها على تلك المجموعات توضح -بصورتها اللغوية وبالأخبار التي وردت فيها- أن القوم قد عرفوا التدوين بالمعنى الاصطلاحي منذ عهد التابعين الأولين ومن قبلهم الصحابة أنفسهم. بل لقد أوردنا في الفصل الأول ألفاظًا استعملت في الجاهلية تدل على المجموع المدون وكانت خاصة بالكتب الدينية مثل: السفر والزبور، وذكرنا هناك من أمثلة الكتب المدونة: التوراة والإنجيل عند اليهود والنصارى من العرب، وأشرنا إلى مجلة لقمان مع سويد بن الصامت[1]، وكتابات دانيال زمن عمر بن الخطاب، وأن عمر بن الخطاب نفسه انتسخ كتابًا من كتب أهل الكتاب في أديم فغضب من ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم[2].
ويبدو أن هذه الكتب قد بلغت في زمن الخليفة الثاني عمر بن الخطاب من الكثرة والانتشار ما كان يُخشى منه الضلال والانصراف إليها عن قراءة القرآن.
قال القاسم بن محمد[3] إن عمر بن الخطاب بلغه أنه قد ظهرت في أيدي الناس كتب، فاستنكرها وكرهها، وقال: "أيها الناس، إنه قد بلغني أنه ظهرت في أيديكم كتب، فأحبها إلى الله أعدلها وأقومها، فلا يبقين أحد عنده كتابًا إلى أتاني به، فأرى فيه رأيي. قال: فظنوا أنه يريد أن ينظر فيها، ويقومها على أمر لا يكون فيه اختلاف؛ فأتوه بكتبهم، فأحرقها بالنار".
وقد تعني لفظة الكتب هنا: الكتب الدينية؛ ولكنها قد تحتمل أيضًا سائر الكتب. فالخوف من الضلال والانصراف إلى هذه الكتب عن القرآن الكريم ينسحب على الكتب جميعها؛ وقد تتضمن هذه الكتب بعض ما كان يدونه. [1] ابن هشام، السيرة 2: 68. [2] تقييد العلم: 51-52. [3] تقييد العلم: 52.
نام کتاب : مصادر الشعر الجاهلي نویسنده : الأسد، ناصر الدين جلد : 1 صفحه : 140