responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : مطالع البدور ومنازل السرور نویسنده : الغزولي    جلد : 1  صفحه : 195
ابن كلدة الثقفي لما وفد على كسرى أنوشروان اذن له بالدخول فلما وقف بين يديه منتصباً قال له من أنت قال أنا الحرث بن كلدة قال فما صناعتك قال الطب قال أعرابي أنت قال نعم من صميمها وبحبوحة دارها قال فما تصنع العرب بطبيب مع جهلها وضعف عقولها وسوء أغذيتها قال أيها الملك إنه إذا كانت هذه صفتها كانت أحوج إلى ما يصلح جهلها ويقيم عوجها ويسوس أبدانها ويعدل أمشاجها فإن العاقل يعرف ذلك من نفسه ويميز موضع دائه ويحترز عن الأدواء كلها بحسن سياسته لنفسه قال كسرى فكيف تعرف ما تورده عليها ولو عرفت الحكم لم تنسب إلى الجهل قال الطفل يناغي فيداوي والحية ترقي فتحاوي ثم قال أيها الملك العقل من قسم الله تعالى قسمه بين عباده كقسمة الرزق فيهم فكل من قسمته أصاب وخص بها قوم وزاد فمنهم مثر ومعدوم وجاهل وعالم وعاجز وحازم ذلك تقدير العزيز العليم قال كسرى فما الداء الدوى قال إدخال الطعام على الطعام وهو الذي يفني البرية ويهلك السباع في البرية قال أصبت قال فما العلة التي تظلم منها الأدواء قال هي التخمة إن بقيت في الجوف قتلت وإن تخللت أسقمت قال صدقت قال فما تقول في الحجامة قال كفي نقص الهلال في صحو لا مغيم فيه والنفس طيبة والعروق ساكنة لسرور يفاجئك وهم يباعدك قال فما تقول في الحمام قال لا تدخله شعباناً ولا تغش أهلك سكراناً ولا تقم بالليل عرياناً ولا تقعد على الطعام غضباناً وارفق بنفسك تكن رخي البال وقلل من طعامك يكن أهنى لنومك قال فما تقول في الدواء قال ما لزمتك الصحة فأجبتنه فإن هاج داء فاحسمه بما يردعه قبل استحكامه فإن البدن بمنزلة الأرض إن أصلحتها عمرت وإن تركتها خربت قال فما تقول في الشراب قال أطيبه أهنأه وأرتقه أمرأة وأعذبه أشهاه تشربه صرفاً فيورثك صداعاً ويثير عليك من الأدواء أنواعاً قال فأي اللحمان أفضل قال الضأن الفتى والجدي الرضيع والقديد المالح مهلك للأكل واجتنب لحم الجزور والبقر قال فما تقول في الفواكه قال كلها في إقبالها وحين أوانها واتركها إذا أدبرت وانقضى وزظمانها وأنفضل الفاكهة الرمان والأترج وأفضل الرياحين الورد والبنفسج وأفضل البقول الهندباء والخس قال فما تقول في شرب الماء قال هو حياة البدن وبه قوامه ينفع ما شرب منه بقدر وشربه بعد النوم ضرر وأفضله أمراه وأرقه أصفاه قال فأخبرني عن أصل الإنسان ما هو قال أصله من حيث شرب الماء يعني رأسه قال فما هذا النور الذي في العينين قال مركب من ثلاثة أشياء فالبياض شحمة والسواد ماء والناظر ريح قال فعلى كم شيء جبل وطبع هذا البدن قال على أربع طبائع المرة السوداء وهي باردة يابسة والدم حار رطب والبلغم بارد رطب والصفراء حارة يابسة قال فلم يكن من طبع واحد قال لو خلق من طبع واحد لم يأكل ولم يشرب ولم يمرض ولم يهلك قال فمن طبيعتين لو كان اقتصر عليهما قال لم يجز لأنهما ضدان مختلفان يقتتلان قال فمن ثلاثة قال لم يصلح موافقان ومخالف فالأربع هو الاعتدال والقيام قال فأجمل لي الحار والبارد في أحرف جامعة قال كل حلو حار وكل حامض بارد وكل حريف حار وكل مر معتدل وفي المر حار وبارد قال فما أفضل ما عولج به المرة الصفراء قال كل بارد لين قال فالمرة السوداء قال كل حار لين قال فالبلغم قال كل حار يابس قال فالدم قال أخرجه إذا زاد.
الشيء بالشيء يذكر كنت أنشدت سيدي القاضي صدر الدين علي بن القاضي أمين محمد بن الأدمي قول بعض الفضلاء وهو:
أصبحت تخرجني بغير جريمة ... من دار أكرم لدار هوان
كدم الفصاد يراق ارذل موضع ... أبدا ويخرج من أعز مكان
فأنشدني لنفسه بعد أيام:
قد كنت مثل دمى صدقت أجله ... وأعزه لبان عن جثماني
لما فسدت وزدت لم آمن على ... روحي فصلت عليك بالهجران

نام کتاب : مطالع البدور ومنازل السرور نویسنده : الغزولي    جلد : 1  صفحه : 195
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست