responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : مطالع البدور ومنازل السرور نویسنده : الغزولي    جلد : 1  صفحه : 200
والأنبياء عليهم السلام لم يستغنوا عن الوزراء فكيف الملوك والأمراء وقد نطق القرآن بوزارة هرون لموسى عليه السلام في قوله تعالى (رب اشرح لي صدري * ويسر لي أمري * واحلل عقدة لساني * يفقهوا قولي * واجعل لي وزيراً من أهلي * هرون أخي * اشدد به أزري * وأشركه في أمري) ثم قال في نظام الآية الكريمة وعلى نسق الكلام (قد أؤتيت سؤلك يا موسى) فدل على أنه جعله وزيره وصاحب سره وشريكه وافصح عن حسن موقع الوزارة وجلالتها ووقوع الحاجة إليها وكان آصف بن برخيا وزير سليمان بن داود عليهما السلام والمستولى على أموره وكان نبينا المصطفى صلى الله عليه وسلم يقول أن وزيرين من أهل السماء ووزيرين من أهل الأرض فأما اللذان من أهل السماء فجبريل وميكائيل عليهما السلام وأما اللذان من أهل الأرض فأبو بكر وعمر رضي الله عنه وقال صلى الله عليه وسلم إذا أراد الله بملك خيراً قيض له وزيراً صالحاً أن أنسى ذكره وأن نوى خيراً أعانه أو أراد شراً كفه وكان انوشر وان يقول لا يستغنى أعلم الملوك عن الوزير ولا أجد السيوف عن الصقال ولا أكرم الدواب عن السوط ولا أعقل النساء عن الزوج.
فصل فيما ينبغي للوزير أن يأتيه: اعلم أن الملوك لا يشبهون الآدميين إلا بالصور فأما بالطباع والأخلاق والهمم فلا لأنهم لا يشاكلونهم ولا يشابهونهم والملك وإن كان كريماً سخياً بعيد الهمة كثير المحاسن فإنه لا يخلو ولا يشابهونهم والملك وإن كان كريماً سخياً بعيد الهمة كثير المحاسن فإنه لا يخلو قط من أربع خصال الحسد والحقد والملال والحرص على المال فينبغي أن يكون الوزير أعقل الناس وأحزمهم وأدهاهم وأبعد غوراً فيجب عليه أن يداري أأخلاق الملك كما يداري السباح الماء المغرق والولدان أولادهم الصغار والحاوى الحية ويتحفظ من غائلته كما يتحفظ من السبع والنار القوية والمجنون الذي بيد السيف المسلول ويجب أن لا يملك ما يصلح للملك من الأعلاق النفسية إلا ما في نفسه إن يهديه إليه ويخدمه به وينبغي له أن يظهر ويشيع جميع ما يملكه وتحويه يده للملك وأنه إنما يمسكه ويحفظه من أجله ويجب عليه إن لا يسرف في الإهداء ولا يتخرق في بذل ما في يده وكما لا يشيع النار من الحطب لا يشيع الملك من الأموال ولا بد للوزير من الاستظهار بالذخائر الخفية وقد قال الحكيم لوزير كان يستكثر من اعتقال الضياع ويغالي به عليك بحفظ الدنانير التي تشتري بها روحك من الملك فربما فعل ألف دينار ما لا تفعله ضياع ومستغل بمائتي ألف.
ومن نكن هذا الكتاب أن الملك يريد كل حسن وطيب لنفسه ويستأثر به على والده وولده ولذلك يقال من ملك استأثر وكان معاوية يقول وددت لو أن الدنيا في بيضة نيمرشت فأحسوها حسوة واحدة لا يشكني فيها أحد، ودعا الفضل بن مروان المعتصم إلى داره واحتفل واحتشد في إحسان الدعوة فلما حضر المعتصم ورأى مروءته وتجمله عمل فيه الحسد عمله فانقبض ورئى في عينه ولم ينشط لطعام ولا شراب وزعم أنه يشتكي بطنه ففطن الفضل لما دهاه وأراد أن يوهم أن تلك الآلات مستعارة من دار أمير المؤمنين ليطفئ نار حسده فتقدم إليه وقال يا أمير المؤمنين إنما استعرت أكثر هذه الأشياء من دار أمير المؤمنين وقد أرهقني الخزانون والفراشون باسترجاعها فإن رأى أمير المؤمنين أن يأمر بامهالى في ردها فعلت فضحك المعتصم وقال قل لهم لا يسترجعونها اليوم ثم نشط للطعام والشراب، ومما ورد في تجنبها قال المأمون لأحمد بن أبي خالد هل لك في أن أستوزرك فقال دعني يا أمير المؤمنين يكون بيني وبين الغاية درجة يرجوها الصديق ويخافها العدو فلست أريد البلوغ النهاية لئلا يقول عدوى قد بلغها وليس إلا الانحطاط، وكان ابراهيم بن المدبر إذا أعرضت عليه الوزارة أنشد قول العتابي:
يلوم على ترك الغنى بأهلية ... طوى الدهر عنا كل طرف وتالد
رأت حولها النسوان يرفلن كالدما ... مقلدة أجيادها بالقلائد
يسرك أن قد نلت ما نال جعفر ... من الملك أو ما نال يحيى بن خالد
وأن أمير المؤمنين أغصني ... بغصتها بالمرهفات البوادر
ذرينى تجتبينى منيتي مطمئنة ... ولم أتجشم هول تلك الموارد
وأن عليات الأمور مشوبة ... بمستودعات في بطون الأساود

نام کتاب : مطالع البدور ومنازل السرور نویسنده : الغزولي    جلد : 1  صفحه : 200
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست