responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : مطالع البدور ومنازل السرور نویسنده : الغزولي    جلد : 1  صفحه : 92
والجارية وفرج الله الكريم عنا وسهل لنا الأمور بالإحسان وهذا ما كان من حديثهم والحمد لله حمداً كثيراً.

الليلة الثانية
حدث أبو العباس بن يزيد النحوي المعروف بالمبرد قال حدثنا محمد بن عامر الحنفي وكان من سادات بكر بن وائل وأدركته شيخاً كبير القامة مملقا وكان إذا فاض إملاقه شيئاً جاد به وقد كان ولي قديماً شرطة البصرة فحدثني هذا الحديث الذي نذكره ووقع لي من غيرنا ناحيته ولا أذكر ما بينهما من الزيادة والنقصان إلا أن معاني الحديث مجموعة فيما أذكر لك: ذكر أن فتيانا كانوا مجتمعين في نظام واحد كلهم أبناء نعمة وكلهم شرد عن أهله وقنع بأصحابه فذكر ذاكر منهم قال عنا قد اكترينا دارا مشرفة على الطريق ببغداد المعمورة بالناس فكنا نفلس أحياناً ونوسر أحياناً على مقدار ما يملق الواحد من أهله وكنا لا نستنكر أن تقع مؤننا على واحد منا إذا أمكنه ويبقى الواحد منا لا يقدر على شيء فيقوم به أصحابه الدهر الأطول وكنا إذا أيسرنا أكلنا ودعونا الملهين والملهيات وكنا في أسفل الدار فإذا عدمنا الطرب فمجلسنا غرفة لنا نتمتع منها بالنظر إلى الناس وكنا لا نخلو من نبيذ في عسر ولا يسر فإنا كذلك يوما إذا بفتى يستأذن علينا فقلنا له اصعد فإذا رجل نظيف حلو الوجه سري الهمة يظهر عليه أنه من أبناء النعم فأقبل علينا وقال إني سمعت باجتماعكم وألفتكم وحسن منادمتكم حتى كأنكم أدخلتم جمعياً في قالب واحد فأحببت أن أكون واحداً منكم فلا تحتشموني قال فصادف ذلك منا إقتارا من القوت وكثرة من النبيذ وقد كان قال لغلامه أول ما يأذنوا لي أن أكون كأحدهم هات ما عندك فغاب عنا غير كثير ثم إذا هو أتى بسلة خيزران وفيها طعام مطبوخ من جدي وفراخ ورقاق وأشنان ومحلب داخله فأصبنا من ذلك ثم أفضينا في شربنا وانبسط الرجل وإذا هو أحيى خلق الله إذا حدث وأحسنهم استماعا إذا حدث وأمسكهم عن الملاحات إذا خولف ثم أفضينا في شربنا وانبسط الرجل فإذا هو أحسن الناس خُلقا خَلقا وكنا ربما امتحناه بأن ندعوه إلى الشيء الذي نعلم أنه يكرهه فيظهر لنا ألا نريد غيره ونرى ذاك في إشراق وجهه ونسبه فلم يمكن منا غير معرفة الكنية فإنا سألناه عنها فقال أبو الفضل فقال لنا يوما بعد اتصال الأنس ألا أخبركم كيف عرفتكم قلنا إنا لنحب ذاك قال أحببت في جواركم جارية وكان سيدها ذا عزائم وكنت أجلس لها في الطريق التمس اجتيازها فأراها حتى أخلفني الجلوس على الطريق ورأيت غرفتكم هذه فسألت عن خبرها فخبرت عن ائتلافكم ومساعدة بعضكم بعضاً فكان الدخول فيما أنتم فيه آثر عندي من الجارية فسألناه عنها فخبرنا، قلنا ما نحيد عنها لك حتى نظفرك بها فقال يا أخوتي إني والله على ما ترون مني من شدة المحبة والكلف بها ما قدرت فيها حراما قط ولا تقديري ألا مطاولتها ومصايرتها إلى أن يمن الله بثروة فاشتريها وأقام معنا شهرين ونحن على غاية الاغتباط بقربه والسرور بصحبته ثم اختلس منا فنالنا لفراقه كل ممض ولوعة مؤلمة ولم نعرف منزلا نلتمسه منه فكدر علينا من العيش ما كان طاب لنا به وقبح عندنا ما كان حسن بقربه وجعلنا لا نرى سروراً ولا غماً إلا إذا ذكرنا اتصال الأنس والسرور بحضوره والغم بمفارقته فكنا كما قال القائل:
يذكرينهم كل خير رأيته ... وشر فما أنفك منهم على ذكرى

نام کتاب : مطالع البدور ومنازل السرور نویسنده : الغزولي    جلد : 1  صفحه : 92
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست