responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : معجز أحمد نویسنده : المعري، أبو العلاء    جلد : 1  صفحه : 439
يعني: هو بمنزلة الغيث، والناس كالجراد يفسدون الزرع ويخربون البلاد، فهو أولى بالحمد من كل أحد؛ لأنه ينفع وغيره يضر. وهذا كقول أبي عينية يهجو يزيد بن خالد ويمدح أباه:
أبوك لنا غيثٌ نعيش بسيبه ... وأنت جرادٌ لست تبقى ولا تذر
مثلما أحدث النّبّوة في العا ... لم والبعث حين شاع فساده
الهاء في فساده للعالم.
يقول: أوجدك الله تعالى في هذا الزمان بعد ما شاع فيه البخل والفساد، كما بعث الله تعالى الأنبياء حين شاع في العالم الكفر والفساد، وهذا كقول الفرزدق:
جعلت لأهل الأرض عدلاً ورحمةً ... على فترةٍ والنّاس مثل البهائم
كما بعث الله النّبيّ محمّداً ... على فترةٍ والنّاس مثل البهائم
زانت اللّيل غرّة القمر الطّا ... لع فيه، ولم يشنها سواده
الهاء في سواده لليل. يعني: أنك زنت زمانك بمحاسنك، ولم يضرك لؤم أهله وفسادهم، كما أن البدر يزين الليل بضيائه، ولا يضره سواد الليل.
كثر الفكر كيف نهدي كما ... أهدت إلى ربّها الرّئيس عباده
يقول: كثر فكري فيما أهديه إلى ابن العميد في يوم النيروز، كما تهدي إليه عبيده.
لما جعله رباً جعل الناس عبيداً له، تفخيماً وتعظيماً.
والّذي عندنا من المال والخي ... ل فمنه هباته وقياده
يعني: فكرت فلم أجد شيئاً أهديه إليه؛ لأن جميع ما عندي من المال فمن مواهبه، وجميع خيلي مما قاده إلي، فلم أدر ما أهدى إليه.
فبعثنا بأربعين مهاراً ... كلّ مهرٍ ميدانه إنشاده
يقول: فلما لم أجد ما أبعثه إليه، بعثت بأربعين بيتاً، كأنها أربعون مهراً، وميدان كل بيت منها إنشاده، لأنه إذا أنشد عرف قدره، كما أن المهر إذا جرى عرق عتقه.
وقوله: بأربعين مهاراً ليس بحيد؛ لأن المفسر بعد مثل هذه العقود يكون بلفظ الواحد.
عددٌ عشته يرى الجسم فيه ... أرباً لا يراه فيما يزاده
يعني: إنما جعلت هذه القصيدة أربعين بيتاً، لأن الأربعين عدد سني الشباب، فإذا تجاوزها الإنسان تناقصت قواه، فالجسم يرى في الأربعين من استكمال القوة ما لا يراه فيما يزاد عليه.
يعني: لم أزد على الأربعين لتكون القصيدة بعيدة عن النقص، حاصلة على غاية الكمال.
فارتبطها فإنّ قلباً نماها ... مربطٌ تسبق الجياد جياده
نماها: أي نشأها وصنعها.
يقول: ارتبط هذه المهار، فإنها قيدت إليك، وقلبي الذي أنشأها وأحكمها مربط تسبق خيله سائر الخيل.
لما جعل الأبيات مهاراً، جعل قلبه مربطاً لها، لأنها صدرت عنه. واحتفظ بشعري فإنه يفوق كل شعر.
وأنفذت القصيدتان من أرجان إلى أبي الفتح ابن الأستاذ الرئيس بالري، فعاد الجواب يذكر سروره بأبي الطيب والشوق إليه، وأبياتاً نظمها في وصف ما سمع من قبله، وطعن فيها على بعض المتعرضين لقول الشعر، وأظهر فساد قولهم فقال أبو الطيب ارتجالاً والكتاب في يده لموصله:
بكتب الأنام كتابٌ ورد ... فدت يد كاتبه كلّ يد
يقول: ورد كتاب يقوم مقام الكتب كلها، ثم قال: جعل الله يد كل كاتب فداءً ليده.
وقيل: معنى المصراع الأول: مثل معنى المصراع الثاني. فقوله: بكتب الأنام كقوله: بنفسي أي جعل الله جميع كتب الأنام فداء لكتابه، وأيديهم فداءً ليده.
يعبّر عمّا له عندنا ... ويذكر من شوقه ما نجد
يقول: هذا الكتاب يعبر عما عندنا من المحبة، ويذكر من الشوق مثل ما أجده في قلبي إليه.
فأخرق رائيه ما رأى ... وأبرق ناقده ما انتقد
أخرق وأبرق: أي حير.
يقول: لما فض هذا الكتاب حير من رأى خطه، وأدهش من انتقد لفظه. وفاعل أخرق وأبرق ما.
إذا سمع النّاس ألفاظه ... خلقن له في القلوب الحسد
يقول: إن الناس إذا سمعوا ألفاظه أحدثت ألفاظه الحسد في قلب من حسده، فكل من قرأه حسده على فصاحته.
فقلت وقد فرس النّاطقين: ... كذا يفعل الأسد ابن الأسد
فرس الناطقين: أي غلبهم وقهرهم، كما يقهر الأسد فريسته، أي لما رأيته وقد حير كل ناطق، قلت: هكذا يكون من ورث البلاغة من آبائه وأجداده.
وأحضرت مجلس الأستاذ أبي الفضل مجمرة قد حشيت بنرجس وآس، حتى خفيت نارها، فكان الدخان يخرج من خلال ذلك، فأنشأ يقول:
أحبّ امرئٍ حبّت الأنفس ... وأطيب ما شمّه معطس

نام کتاب : معجز أحمد نویسنده : المعري، أبو العلاء    جلد : 1  صفحه : 439
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست