فمعرفة صلاحهم وفسادهم من قبل الله عز وجل بمنزلة المريض المحتاج إلى معرفة الطبيب ليرشده إلى المصالح.
(دليل آخر) نعلم ضرورة أن الناس يتفاضلون في العلم والادراك ويدرك بعض الناس من العلوم ما لو بقي غيره طول الاعمار لم يبلغه فمن ذا الذي ينكر ان القديم يعلم من ذلك ما لا يعلم مع كون معلوماته لا نهاية لها فيحتاج إليه في معرفة المصالح من المفاسد ونحن لا نشاهد الله عيانا ولا نكلمه كفاحا فنحتاج إلى سفير يخبرنا عنه فقد أرسل إلينا الرسل وأخبرنا بالشرائع فان الجاهل يحتاج إلى معلم والعاقل يحتاج الى منبه فدل على أن ارسال الرسل غير مستحيل ولا يهولنك قول الباطنية لعنهم الله تعالى انا نقول لا بد من نبي أو امام معصوم فلم يتعقلوا فإنهم لا يعتقدون وجوب الصانع فكيف الرسل، والرسل قد جاءت وأظهرت الحجج والعلماء باقون كثرهم الله تعالى. والكتاب والسنة وأحكام الشريعة كلها منظمة بحمد الله ومنه وهم يريدون بزعمهم ومقصودهم انسلاخ الناس من دين الله عز وجل وفتح باب الاباحة وإذا ثبت أن انبعاث الرسل جائز فلا بد للرسول من علم ينبيء به من بين سائر الخلق إذا كانت بينة النبي كبينة المتنبيء والصورة كالصورة والدعوى كالدعوى والعدة بالعدة والثمرة بالثمرة وذلك العلم المعجز فلا يجوز أن يكون مما يقدر عليه