الدنيا التي أنت مرتحل عنها واياك ثم إياك أن تكون همتك في ليلك أو نهارك، الأكل والشرب فتكون مثل البهيمة التي ترتع وتأكل فيكون حتفها في سمنها وقد قال المطلبي رضي الله عنه من كان همته ما يدخل الى جوفه فقيمته ما يخرج منها وأعلم أن عمرك ودينك رأس مالك فانظر أي الرجلين أنت وأعرض عملك على كتاب الله تعالى إِنَّ الْأَبْرارَ لَفِي نَعِيمٍ وَإِنَّ الْفُجَّارَ لَفِي جَحِيمٍ
فإن كنت تزداد كل يوم خيرا، وتقدم صالحا وتجالس الصالحين وتعمل للاخرة فابشر ثم ابشر وان كنت تزداد شرّا وترغب في الدنيا وتزهد في الآخرة وتجمع المال وتمنع الحقوق وتكره الموت وتنهمك في الشهوات وتقول فلا تبالي وتفعل فلا تبالي فاعلم أن بطن الارض خير لك من ظهرها لقول الرسول صلّى الله عليه وسلم: من كان في نقصان فالموت خير له من حياته فالعبد في حق دينه اما سالم وهو المقتصر على أداء الفرائض وترك المعاصي أو رابح وهو المتطوع بالقربات والنوافل أو خاسر وهو المقصر عن اللوازم فان لم تقدر أن تكون سالما، فاياك أن تكون خاسرا؛ وللعبد ثلاث وظائف: (الاولى) أن ينزل نفسه مع الناس بمنزلة الملائكة الكرام البررة فيسعى في أغراضهم رفقا بهم وادخالا للسرور على قلوبهم. (الثانية) أن لا ينزل نفسه مع الناس منزلة البهائم والجمادات فيؤذيهم ليلا ونهار ولا ينيلهم نيلا. (والثالثة) أن