الى يوم القيامة حتى تختصم الروح مع الجسد فيقول الجسد أي رب خلقتني كالجبة ولم تجعل لي يدا أبطش بها ولا رجلا أمشي بها ولا عينا أبصر بها حتى دخل هذا عليّ كالشهاب فبه نطق لساني وسمعت أذني وأبصرت عيني وبطشت يدي فأحل عليه العذاب ونجني من النار، فتقول الروح يا رب خلقتني كالريح، ولم تجعل لي يدا ولا رجلا وعينا وسمعا فلم أتحرك الا بحركته ولم أسكن الا بسكونه فما ذنبي وما جرمي يا رب أحل عليه العذاب ونجني قال: فيضرب الله تعالى لهما مثلا كالأعمى والمقعد يصطحبان أما الاعمى فلا يبصر والمقعد لا يقدر على المشي فبلغا إلى بستان فجلسا وتشاورا وطلبا حيلة فقال الأعمى أنا لا أبصر فمر أنت وائت بالعنب وقال المقعد: بل مر أنت فإني لا أقدر على المشي، ثم تناظرا وتناصفا وقالا هذا أمر لا يتم بأمر دون الآخر، يا أعمى، قم أنت فارفعني حتى أتسلق الحائط وأقطف العنب فلما توافقا قطعا العنب وأكلاه وقال المقعد: لولا أنت يا أعمى لما أكلت وقال الأعمى لولا أنت لما أكلت فكل واحد، محتاج إلى صاحبه لولا الروح لكان القالب خشبا مسندة ولولا القالب لما كان روح فكل واحد فاعل وعامل من وجه فيكون الخطاب والثواب والعقاب لهما جميعا فافهم واعلم.