أمامهم التراب، كنا أهل القصور فصرنا أهل القبور كنا أهل النعمة، فصرنا أهل الوحشة والمحنة قد سالت العيون وصدئت الجفون وانقطعت الاوصال وبطلت الآمال. صار الضحك بكاء والصحة داء والبقاء فناء والشهوة حسرات والتبعات زفرات فما بيدنا إلا البكاء والحسرات نفدت الأعمار وبقيت الأوزار، هيهات هيهات ولات حين مناص حسرتنا أن ندرك وقتا نصلي فيه ركعتين ولا نقدر وأنتم تقدرون فاغتنموا معشر اخواننا نحن قوم محرومون وحيل بينهم وبين ما يشتهون فاذكرونا بالخير وواسونا بالصدقة فانا مساكين وأنتم أغنياء ميامين مساكين أهل القبور ما أشد بلاءهم وأعظم حسراتهم، لنا الويل الطويل والحسرة والزفير وأنتم تفعلون ما تشتهون ونحن كما قال الله تعالى وَحِيلَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ ما يَشْتَهُونَ
، يا معشر الاصحاب الغياث من التراب، وان نمنا فعلى التراب، وإن استيقظنا فعلى التراب، وان اضطجعنا فعلى التراب، على اليمين تراب، وعلى الشمال تراب، واحسرتاه من التراب، وا وحدتاه من التراب، فكم من حسرة تحت التراب يا حسرة ما أكاد أحملها آخرها مزعج وأولها لنا ما قدمنا وعلينا ما خلفنا تبا للجاه والمال، وتعسا للدنيا وسوء الحال.