رضا الرب فإن كان مقصده محمدة الخلق فقط فهو مشرك والرياء كبيرة عظيمة قال صلّى الله عليه وسلم: لا أخاف على أمتي شيئا كما أخاف من الشرك الخفي ألا وهو الرياء. (علاج ذلك) شديد لامتزاجه بقلب الآدمي وترسخه فيه وسبب صعوبته أن الآدمي منذ كبر ونشأ بين الناس رآهم يتراؤون فيما بينهم، ويزين بعضهم بعضا ويمدح بعضهم بعضا، وعلاجه علمي وعملي أما العلمي فأن يعلم ضرورة أن كل ما يفعله الآدمي انما يفعله لوصول لذة إليه في الوقت أو في ثاني الوقت فإذا علم أن العاقبة وخيمة وجب أن يترك تلك اللذة في الحال كما إذا خلط السم في العسل وإن كان حريصا عليه ولكن في الحال يحترز عنه، وأصل الرياء ثلاثة أشياء. (الاول) محبة الثناء. (والثاني) خوف المذمة.
(والثالث) الطمع في الناس أما ثناء الخلق فيكسره بالفضيحة على رؤوس الملأ وينادي مناديا مرائي يا فاجر أما استحيت مني انك بعت طاعة ربك بثناء الناس حفظت قلوب الناس ولم تبال بغضبي اخترت رضا الخلق على رضا ربك وتباعدت من ربك وتقربت الى الخلق مثلك، فالعاقل إذا تأمل في شيء من ذلك يعلم أن ثناء الخلق لا يساوي هذا والآخر يتفكر ويقول لو لم يكن رياء لكنت رفيق الأنبياء والأولياء في الجنة فتأخرت بسبب الرياء إلى منزلة الشياطين