فسبحان من أنطقه بلحم وأبصره بشحم وأسمعه بعظم وأعجب من هذا تصور في الرحم في ظلمات ثلاث ظلمة البطن وظلمة الرحم وظلمة المشيمة حيث لا تراه عين ولا تناله يد فيخرج سويا فلو خلق له لسانين لكانا ثقيلين عليه من غير حاجة فلو تكلم بأحدهما كان الآخر معطلا وان تكلم بكلام واحد كان أحدهما لغوا وان تكلم على خلافه لم يدر السامع على أي القولين يقول فتبارك من جعل لمنافذ البول والغائط اشراجا يضبطها لكي لا يجري جريا دائما فيفسد عليه عيشته وفي حسن التدبير أن يكون الخلاء في أستر موضع من الدار فكذا المنفذ المهيأ للخلاء في جسد الانسان في أستر موضع وجعل الريق يجري دائما الى الحلق فلا يجف فلو جف الحلق واللهاة والفم لهلك الانسان فتفكروا معشر العقلاء وتأمل يا صدر المعالي وعلم الرؤساء في الحفظ والفهم فلو عدم الآدمي الحفظ والفهم لا ختل عيشه فلم يحفظ ماله وما عليه وما أخذ وما أعطى وما يتذكر من أحسن اليه ممن أساء وتفكر في النسيان وعظم نعمة الله فيه فلولاه لما سلا أحد عن مصيبته ولا انقضت له حسرة ولا مات له حقد ثم تفكر في الحياء خص به الآدمي دون سائر الأشياء فلولاه لم يقر الضيف ولم يقع الوفاء بالعدات ولم تقض الحوائج ولم يتخير الجميل ولم يتجنب القبيح وتفكر في كتمان الأجل فلو