بالعفو والغضب غول العقول فمن غضب في جميع حالاته فهو مثل الشياطين، ومن عفا وأصلح فهو شبيه بالأنبياء والملائكة أما أهل الحسب والشرف فلا يغضبون إلا في موضعه والعفو سبب الرحمة، وفي الخبر إذا اصطفت الخلائق يوم القيامة ينادي مناد من الذي له حق على الله فليقم حتى يأخذ جزاء حقه. فيطرق الخلائق رؤوسهم ويقولون إن لله تعالى علينا حقوقا وليس لنا على الله حق فيكرر النداء مرات فلا يقوم أحد ثم ينادي المنادي من الذي عفا عن خصمه في الدنيا أو عفا عن غلامه أو جاريته قوموا فإذا علم الرعية أن الوالي حكيم فيبتغون طاعته ويرجعون إلى أمره وإذا علموا أنه حقود حسود يئسوا من عفوه فنفروا عنه وأخذوا في الشكاية، فقد جاءت الفتن فالفتنة نجوى ثم شكوى ثم بلوى ومن أنصف علم أن العفو واجب على الملوك والوزراء والرؤساء لأنهم إذا غضبوا ونفذ غضبهم لا يبقى من الرعية أحد وتفسد مملكته بل يعفو ويصفح. قال المأمون: لو علم الناس محبتي للعفو لما توسلوا إليّ إلا بالذنوب. قال أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه: إياك أن تعتمد على السلطان ما لم تجربه في حال الغضب ولا تمدحن أحدا في كمال دينه حتى تعاشره وتعرف سره في حال الطمع (فائدة) السلطان والوزير متى أخبرا بجناية أحد فيجب أن لا يعجلا