فرأيُ أبي رأيُ البخيلِ بمالِهِ ... وشيمةُ جدّي شِيمةُ الحالفِ الأبي
وأنشدَ ابنُ الأعرابي:
شِرابُه كالحَزِّ بالمَواسي ... ليسَ برَيّانَ ولا مُواسِ
أراد بشِرابِهِ مُشاربَتَه. وقال أبو دهْبَل:
أليس عزيزاً أن تكوني ببَلدَةٍ ... كِلانا بها ثاوٍ ولا نتكلّمُ
مُنعَّمَةٌ لو دبَّ ذَرٌّ بجِلْدِها ... لكادَ دَبيبُ الذَرِّ بالجِلْدِ يُكْلَمُ
وقال عمرو بن قَميئة:
أولئكَ قومي آلُ سعْدِ بنِ مالِكٍ ... تمالَوْا على ضِغْنٍ عليّ وإلغافِ
فكلّ أناسٍ أقربُ اليومَ منهُمُ ... إليّ ولو كانوا عُمانَ أولي الْغافِ
الإلغاف الجَوْر والظلم، وقوله: أولي الغاف أي أصحاب الشجر وأنشدَ المدائني للخليل بن أحمد:
يا وَيْحَ قلبي من دواعي الهوى ... إذْ رحَلَ الجيرانُ عندَ الغُروب
أتْبَعْتُهم طَرْفي وقدْ أمْعَنوا ... وفَيْضُ عيْنيَّ كفيْضِ الغُروبْ
بانوا وفيهم حُرّةٌ طَفْلَةٌ ... تفْتَرُّ عن مكنونِ حَبِّ الغُروبْ
الغروبُ الأول غروبُ الشمس، والثاني جمْعُ غَرْب وهو الدلو الكبيرة، والثالثُ الكُفُرَّى وهو الطّلْع.
وأنشد أبو العبّاس ثعْلَب:
أتعرِفُ أطلالاً شَجَوْنَكَ بالخالِ ... وعيْشَ زمانٍ كان في العُصُرِ الخالي
لياليَ ريْعانُ الشبابِ مسلَّطٌ ... عليّ بعِصْيانِ الأمارَةِ والخالِ
وإذْ أنا خِدْنٌ للغَويّ أخي الصِّبا ... وللغَزل المرّيحِ ذي اللهوِ والخالِ
ليالي تُكْنَى تسْتَبيني بِدَلِّها ... وبالنّظرِ الفتّان والخدّ والخالِ
إذا سكنَتْ رَبْعاً رَئِمْتَ رِباعَها ... كما رَئِمَ المَيْثاءَ ذو الرَّيْثةِ الخالي
ويقتادني منها رخيمٌ دلالُهُ ... كما اقتادَ مُهْراً حين يألفُه الخالي
الخالُ الأول موضع، والثاني الماضي، والثالث العُجْب، والرابع الذي لا زوجةَ له، والخامس النّقطةُ السوداء، والسادسُ الذي ليسَ له مُعين، والسابع الذي يسوسُ الدّوابّ. ومنه:
التنجيسُ المماثل
وهو أن تكونَ الكلمتان اسْمَيْن أو فِعلين كما قال الله تعالى: " فَرَوْحٌ ورَيْحان "، اسمان، وكقوله تعالى: " وجنا الجنّتَيْن دانٍ "، وقوله تعالى: " يا أسَفي علي يوسفَ " وكقول النبي صلى الله عليه وسلم: " الظُّلْمُ ظُلماتٌ يوم القيامة "، وقوله صلى الله عليه وسلم: " لا يكونُ ذو الوجهين وجيهاً يوم القِيامة " وقال جرير:
فما زالَ معقولاً عِقالٌ عن النّدى ... وما زالَ محبوساً عن الخيرِ حابسُ
وقال النابغة الذبياني:
قالتْ أراكَ أخا رَحْلٍ وراحِلةٍ ... تَغْشى مَتالِفَ لنْ ينظِرْنَكَ الهَرَما
وقال سُحَيْم بنُ وَثيلٍ الرِّياحيّ:
وإنّي لا يعودُ إليّ قِرْني ... غَدةَ الغِبِّ إلا في قَرينِ
أي ومعَهُ آخر. وقال آخر:
لياليَ ليْلَى لم يُشَبْ عذْبُ مائِها ... بمَلْحٍ وحَبْلاها متينٌ قُواهُما
يعني حبْلَ مودّتِها له وحَبْل مودّته لها. وقال العجّاج:
وابنةُ عبّاسٍ قريعِ عبْسِ ... في قِنْسِ مجْدٍ فوقَ كلِّ قِنْسِ
القِنْس مَنبتُ كل شيء وأصلُهُ. وقال العُدَيْل بن الفَرْخ العِجْليّ:
بخالَةَ زارَتْنا فهاجَ خيالُها ... وزارَتْ بحُوّارينَ وهو شآمُ
وقال يزيدُ بنُ حُذَيْفَة الأسديّ:
دفَعْنا طَريفاً بأطْرافِنا ... وبالرّاحِ عنّا ولمْ يدْفَعونا
قد أوردنا من أقسامِ الجِناس ما فيه كفايةٌ واستدلالٌ به على غيرِه، فقِسْهُ واقتبِسْهُ إن شاءَ اللهُ تعالى.
ومن الألقاب التي قدّمْنا ذِكرَها في الشِّعر:
باب المطابقة
قد اختلفَ العُلماءُ في الطِّباق. قال الأخفشُ وقد سُئِلَ عنه: أجدُ قوْماً يختلفون في الطِّباق، فطائفةٌ، وهي الأكثر، تزْعُمُ أنّه ذِكرُ الشيء وضدِّه يجمعُهُما اللفظُ بهما لا المعنى. وطائفةٌ تخالِفُ ذلك فتقول: هو اشتراكُ المعنيين في لفْظٍ واحد كقول زياد الأعجَم: