نام کتاب : نفح الطيب من غصن الاندلس الرطيب - ت إحسان عباس نویسنده : المقري التلمساني جلد : 1 صفحه : 487
واشتط أكابر البرابر عليه، وطلبوا ما وعدهم من إسقاط مراتب السودان، فبذل لهم ذلك، فلم يقنعوا منه، وصاروا يفعلون معه ما يخرق الهيبة ويفرغ بيت المال، وفر السودان إلى عمّه بإشبيلية، ومن البرابر ومن جند الأندلس من احتجب عنهم يحيى وتكبر عليهم، ولم يمل إليه ملوك الطوائف، وبقي منهم كثير على الخطبة لعمّه القاسم، إلى أن اختلّت الحال بحضرة قرطبة، وأيقن يحيى أنّه متى أقام بها قبض عليه، وكان قد ولّى على سبتة أخاه إدريس، وبلغه أن أهل مالقة خاطبوا خيران وكاتبوه، فطمع خيران فيها، وفرّ يحيى في خواصه تحت الليل إلى مالقة، ولمّا بلغ القاسم فراره ركب من إشبيلية إلى قرطبة، فخطب له بها يوم الثلاثاء لاثنتي عشرة ليلة بقيت من ذي القعدة سنة 413، ولم تصلح الحال للقاسم منذ وصل إلى الحضرة، ووقع الاختلاف، وكان هوى السودان معه، وهوى كثير من البرابر مع يحيى، وهو أهل قرطبة مع قائم من بني أميّة يشيعون ذكره ولا يظهر، وكثر الإرجاف بذلك، ووقع الطلب على بني أميّة فتفرّقوا في البلاد، ودخلوا في أغمار الناس، وأخفوا زيّهم، ثم إن الخلاف وقع بين البربر وأهل قرطبة، وتكاثر البلديون، وأخرجوا القاسم وبرابرته فضرب خيمة بغربيها، وقاتلهم مدّة خمسين يوماً قتالاً شديداً، وبنى القرطبيون أبواب مدينتهم، وقاتلوا القاسم من الأسوار إلى أن طال عليهم الحصار، فهدموا باباً من الأبواب وخرجوا خرجة رجل واحد وصبروا [1] فمنحهم الله تعالى الظفر، وفر السودان مع القاسم إلى إشبيلية، وفرّ البرابرة إلى يحيى وهو بمالقة، وكان فرار القاسم من ظاهر قرطبة يوم الخميس لثنتي عشرة ليلة خلت من شعبان سنة 414.
وكان ابنه محمد بن القاسم والياً على إشبيلية، وثقته المدبر لأمره محمد بن زيري من أكابر البرابرة، وقاضيها محمد بن عباد، فعمل القاضي لنفسه، وهو [1] في ق ك: وصفروا؛ وفي بعض النسخ: وظفروا.
نام کتاب : نفح الطيب من غصن الاندلس الرطيب - ت إحسان عباس نویسنده : المقري التلمساني جلد : 1 صفحه : 487