نام کتاب : نفح الطيب من غصن الاندلس الرطيب - ت إحسان عباس نویسنده : المقري التلمساني جلد : 1 صفحه : 589
بالهلاك في الطريق الذي سلكه، والمهيع الذي اخترعه، فتسفر العاقبة عن السلامة التامة التي اقتضاها سعده، فيكثرون التعجب من موارد أموره ومصادرها.
وقيل له مرّة: إن فلاناً مشؤوم فلا تستخدمه، فقال: أفّ لسعد لا يغطي على شؤمه، فاستخدمه، ولم ينله من شؤمه الذي جرت به العادة شيء.
وحكي عنه أنّه كان في قصره با زاهرة [1] ، فتأمل محاسنه، ونظر إلى مياهه المطّردة، وأنصت لأطياره المغردة، وملأ عينه من الذي حواه من حسن وجمال، والتفت في الزاهرة من اليمين إلى الشمال، فانحدرت دموعه، وتجهم وقال: ويهاً [2] لك يا زاهرة، فليت شعري من الخائن الذي يكون خرابك على يديه عن قريب؟ فقال له بعض خاصته: ما هذا الكلام الذي ما سمعناه من مولانا قطّ؟ وما هذا الفكر الرديء الذي لا يليق بمثله شغل البال به؟ فقال: والله لترون ما قلت، وكأنّي بمحاسن الزاهرة قد محيت، وبرسومها قد غيرت، وبمبانيها قد هدمت ونحّيت، وبخزائنها قد نهبت، وبساحاتها قد أضرمت بنار الفتنة وألهبت، قال الحاكي: فلم يكن إلاّ أن توفّي المنصور وتولى المظفّر ولم تطل مدته، فقام بالأمر أخوه عبد الرحمن الملقّب بشنجول [3] ، فقام عليه المهدي والعامّة، وكانت منهم عليه وعلى قومه الطامّة، وانقرضت دولة آل عامر، ولم يبق منهم آمر:
كأن لم يكن بين الحجون إلى الصّفا ... أنيسٌ ولم يسمر بمكّة سامر
بلى نحن كنّا أهلها فأبادنا ... صروف الليالي والجدود العواثر [4] وخربت الزاهرة، وذهبت [5] كأمس الدابر، وخلت منها الدسوت الملوكيّة [1] ك: الذي بالزاهرة. [2] ك: ويل. [3] ك ج: بسنجور؛ ط: بسنجول. [4] سقط هذا البيت من ق. [5] ك: ومضت.
نام کتاب : نفح الطيب من غصن الاندلس الرطيب - ت إحسان عباس نویسنده : المقري التلمساني جلد : 1 صفحه : 589