نام کتاب : نور الطرف ونور الظرف نویسنده : الحُصري القيرواني جلد : 1 صفحه : 44
فأحسن حين يحسن محسنوهم ... وأجتنب الإساءة إن أساءوا
أشاء سوى مشيئتهم فآتي ... مشيئتهم وأترك ما أشاء
ومن أقصر ما قيل في الليل قول إبراهيم بن العباس:
وليلة من الليالي الغر ... قابلت فيها بدرها ببدري
لم تك غير شفقِ وفجر ... حتى تقضت وهي بكر الدهر
وقال بعض أهل العصر، وهو أبو علي محمد بن الحسن الحاتمي:
يا رب ليل سرور خلته قصراً ... كعارض البرق في أفق الدجى برقا
قد كاد يعثر أولاه بآخره ... وكاد يسبق منه فجره الشفقا
كأنما طرفاه طرف اتفق ال? ... جفنان منه على الإطراق وافترقا
ومن أطول ما قيل في الليل قول ابن الرومي:
رب ليل كأنه دهر طولاً ... قد تناهى فليس فيه مزيد
ذي نجوم كأنهن نجوم الش? ... يب ليست تزول لكن تزيد
ومن أجود ما وصف به الليل في الطول والقصر قول سيدوك الواسطي:
عهدي بنا ورداء الوصل يجمعنا ... والليل أطوله كاللمح بالبصر
فالآن ليلي مذ غابوا فديتهم ... ليل الضرير فصبحي غير منتظر
ومن ألفاظ أهل العصر في وصف ليالي الأنس: ليلة من حسنات الدهر، هواؤها صحيح، ونسيمها عليل، ليلة كبرد الشباب، فضية الأديم، مسكية النسيم، ليلة هي لمعة الدهر، وغرة العمر، كالمسك منظراً ومخبراً، ليلة هي باكورة العمر وبكر الدهر، ظلماتها أنوار، وطوال أوقاتها قصار وقال الصنوبري:
وليلة كالرفرف المعلم ... محفوفة الظلماء بالأنجم
تعلق الفجر بأرجائها ... تعلق الشقر بالأدهم
جمعت فيها بين خمرين من ... خمر العناقيد وخمر الفم
تناول الجام يدي من يد ... موشية الراحة والمعصم
شبهت ذوب الراح في جامها ... كذوب دينار على درهم
وقال [أيضاً] :
قم فاسقني والظلام منهزم ... والصبح باد كأنه علم
والطير قد طربت فأفصحت الأ ... لحان طراً وكلها عجم
وميلت رأسها الثريا لإسرا ... ر إلى الغرب وهي تحتشم
في الشرق كأس وفي مغاربها ... قرط وفي أواسط السما قدم
ومن أجمع ما قيل في وصف الثريا وأحسنه قول الحاتمي، وطرف:
وليل أقمنا فيه نعمل كأسنا ... إلى أن بدا للصبح في الليل عسكر
ونجم الثريا في السماء كأنه ... على حلة زرقاء جيب مدنر
ومن أبدع ما جاء في وصف النجوم وذكر الليل مع حسن تصرف وقلة تكلف، قول علي بن محمد العلوي:
متى أرتجي يوماً شفاءً من الضنى ... إذا كان جانيه علي طبيبي
ولي عائدات ضفتهن فجئن في ... لباس سواد في الظلام قشيب
نجوم أراعي طول ليلي بروجها ... وهن لبعد السير ذات لغوب
خوافق في جنح الظلام كأنها ... قلوب معناة بطول وجيب
ترى حوتها في الشرق ذات سباحة ... وعقربها في الغرب ذات دبيب
إذا ما هوى الإكليل منها حسبته ... تهدل غصن في الرياض رطيب
كأن الذي حول المجرة أوردت ... لتكرع في ماء هناك صبيب
كأن رسول الصبح يخلط في الدجى ... شجاعة مقدام بجبن هيوب
كأن اخضرار الفجر صرح ممرد ... وفيه لآل لم تشن بثقوب
كأن سواد الليل في ضوء صبحه ... سواد شباب في بياض مشيب
كأن نذير الشمس يحكي ببشره ... علي بن داود أخي ونسيبي
ولولا اتقائي عتبة قلت: سيدي ... ولكن يراها من أجل ذنوبي
جواد بما تحوي يداه مهذب ... أريب غدا خلا لكل أريب
نسيب إخاء وهو غير مناسب ... قريب صفاء وهو غير قريب
ونسبة أجسام الأقارب وحشة ... إذا لم يؤنسها انتساب قلوب
وقد أنشدها الصولي لمحمد بن أحمد الأصبهاني في علي بن داؤد بن الجعد، ولما سمع أبو بكر بن دريد خروجه، قال: "والله ما سمعت مثل هذا الخروج قط"، وإنما أخذه من قول مسلم بن الوليد في يحيى بن خالد وجعفر ابنه:
أجدّك ما تدرين أن رب ليلة ... كأن دجاها من قرونك ينشر
نصبت لها حتى تجلت بغرة ... كغرة يحيى حين يذكر جعفر
والشيء يذكر بما يدانيه في جهة معانيه.
قال كشاجم يذكر سواد الشعر وبياض الفرق:
رنت فأصابت سر قلبي بلحظة ... لها في الحشا لذع وليس لها جرح
نام کتاب : نور الطرف ونور الظرف نویسنده : الحُصري القيرواني جلد : 1 صفحه : 44