نام کتاب : نور الطرف ونور الظرف نویسنده : الحُصري القيرواني جلد : 1 صفحه : 49
هواء لكنه جامد ... وماء ولكنه غير جار
إذا ما تأملتها وهي فيه ... تأملت نوراً محيطاً بنار
وما كان الحق أن يقرنا ... لفرط التنافي وطول النفار
ولكن تجاور شكلاهما البسيطان فاتفقا في الجوار
كأن المدير لها باليمين ... إذا قام للسقي أو باليسار
تدرع ثوباً من الياسمين ... له فرد كم من الجلنار
وقال كشاجم يرثي قدحاً انكسر:
عراني الزمان بأحداثه ... فبعضاً أطقت وبعضاً فدح
وعندي عجائب للحادثات ... وليس كفجعتنا في القدح
وعاء المدام وتاج البنان ... ومدني السرور ومقصي الترح
ومعرض راح متى تكسه ... ويستودع السر فيه يبح
وجسم هواءٍ وإن لم يكن يرى للهواء بكف شبح
يرد على الشخص تمثاله ... وإن تتخذه مراة صلح
ويعبق من نكهات المدام ... فتحسب فيه عبيراً نفح
يكاد مع المرء إن مسه ... لما فيه من شكله ينسفح
ودق، فلو حل في كفة ... ولا شيء في أختها ما رجح
هوى من أنامل مجدولة ... فيا عجباً من لطيف رزح
وأفقدنيه على ضنة ... به للزمان غريم ملح
كأن له ناظراً ينتقي ... فما يتعمد غير الملح
أقلب ما أبقت الحادثا ... ت منه وفي الخد دمع يسح
وقد قدح الوجد مني به ... على القلب من ناره ما قدح
فأعجب من زمن مانح ... وآخر يسلب تلك المنح
فلا تبعدن فكم من حشاً ... عليك كليمٍ وقلبٍ قرح
سيقفز بعدك رسم الغبوق ... وتوحش منك مغاني الصبح
وعلى ذكر بيتي عنترة، قال ابن الرومي، وذكر روضة:
إذا رنقت شمس الأصيل ونفضت ... على الأفق الغربي ورساً مذعذعا
وودعت الدناي لتقضي نحبها ... وشول باقي عمرها فشعشعا
ولاحظت النوار وهي مريضة ... وقد وضعت خداً إلى الأرض أضرعا
كما لاحظت عواده عين مدنف ... توجع من أوصابه ما توجعا
وطلت عيون النور تخضل بالندى ... كما اغرورقت عين الشجي لتدمعا
وبين إغضاء الفراق عليهما ... كأنهما خلا صفاء تودعا
وقد ضربت في خضرة الأرض صفرة ... من الشمس فاخضر اخضراراً مشعشعا
وأذكى نسيم الروض ريعان ظله ... وغنى مغني الطير فيه فرجعا
وغرد ربعي الذباب خلاله ... كما حثحث النشوان صنجاً مشرعا
وكانت أهازيح الذباب هناكم ... على شدوات الطير ضرباً موقعا
هذا يقوله في قصيدة وصف فيها قوس البندق، فأجاد ما أراد إذ يقول:
كأن لباب التبر عند انتضائها ... جرى ماؤه في ليطها فتربعا
تراك إذا ألقيت عنها صيانها ... سفرت به عن وجه عذراء برقعا
كأن قراها والفزور التي به ... وإن لم تجدها العين إلا تتبعا
مذر سحيق الورس فوق صلاءة ... أدب عليها دارج الذر أكرعا
لها أول طوع اليدين وآخر ... إذا سمته الإغراق فيه تمنعا
تدين لمقرون أمرت مريره ... عجوز صناع لم تدع فيه مصنعا
تأيت صميم المتن عقود كأنها ... رؤوس المداري ما أشد وأوكعا
لها عولة أولى بها ما تصيبه ... وأجدر بالإعوال من كان موجعا
وقال كشاجم:
وروضة صنف النوار جوهره ... فيها فما شئت من حسن ومن طيب
كأن ما تجتنيه من زخارفها ... أخلاق مستحسن الأخلاق محبوب
ما انفك للعين فيها أعين ذرف ... تبكي بدمع من الأنواء مسكوب
حتى كأن أفانين النبات بها ... على الميادين ألوان اليعاسيب
كأن غدرانها بالروض محدقة ... تعيين ثوب من الموشي معصوب
أو أكؤس من رحيق مترعة ... موضوعة بين فتيان مناجيب
كأنما الطير في حافاتها حزقاً ... بيض زهين بتطريف وتخضيب
+مرجعات صفيراً من مخضرة=وصلن فيهن تغريداً وبتطريب
كأنهن قيان والصفير غناً ... وكالمناقير أصناف المضاريب
باكرتها وكأن البدر شادخة ... في وجه لاحقة الأقراب سرحوب
مستصحباً شكة ليست ليون وغى ... ولا لثأر لدى الأعداء مطلوب
وفي يساري من الخطى محكمة ... متى طلبت بها أدركت مطلوبي
نام کتاب : نور الطرف ونور الظرف نویسنده : الحُصري القيرواني جلد : 1 صفحه : 49