وهذه حيلة العاجز المهزوم إذ كيف اطلعوا على ما في القلوب مما لا يعلمه إلا علاَّم الغيوب سبحانه وتعالى، مع أن الحقيقة الثابتة أنه قال وأعلن الحق بدليله، ثم ما القرائن التي دلت بلسان الحال على هذه الفرية؟ لم يذكروا شيئاً.
ولما شاع هذا البهتان العظيم، وروَّجه الخصوم من أهل الأهواء والبدع والافتراق الذين يكرهون السنة وأهلها، وتلقفته ألسنة الغوغاء والهمج، من أتباع الفرق والطرق - تصدى له علماء السنة في بلاد الشيخ الإمام وغيرها من سائر بلاد المسلمين، ممن شهدوا بالحق، وأنصفوا الخلق [1] .
وقال الشيخ سليمان بن سحمان: «إن الشيخ (يعني محمد بن عبد الوهاب) قد ذكر في كتاب التوحيد ما رواه البرقاني في صحيحه قوله في الحديث:» وإنما أخاف على أمتي الأئمة المضلين وإذا وقع عليهم السيف لم يرفع إلى يوم القيامة ولا تقوم الساعة حتى يلحق حي من أمتي بالمشركين وحتى تعبد فئام من أمتي الأوثان وإنه سيكون من أمتي كذّابون ثلاثون كلهم يزعم أنه نبي وأنا خاتم النبيين لا نبي بعدي « [2] . ..» إلى آخر الحديث.
وقال (يعني محمد بن عبد الوهاب) في المسائل المستنبطة من هذا الباب، «الثامنة: العجب العجاب خروج من يدعي النبوة مثل المختار مع تكلمه بالشهادتين وتصريحه أنه من هذه الأمة وأن الرسول حق وأن القرآن حق» [3] .
وفيه أن محمدًا خاتم النبيين ومع هذا يصدق في هذا كله مع التضاد الواضح وقد خرج المختار في آخر عهد الصحابة، فكيف يضمر مع هذا دعوى النبوة، وكيف يزعم هذا ويرمي به الشيخ رجل يؤمن بالله واليوم الآخر، وبهذا تعلم أن هذا من تزوير من شرق بهذا الدين من أعداء الله ورسوله وتنفيرًا للناس عن الإذعان لإخلاص التوحيد لله بالعبادة» [4] . [1] انظر: دعاوى المناوئين ص (84) . [2] الحديث جزء من رواية أصلها عند مسلم (2889) ، وأبو داود (4252) ، والترمذي (2176) ، وأخرجه الإمام أحمد في المسند برقم (2295) ، وقال المحققون: إسناده صحيح على شرط مسلم. [3] كتاب التوحيد للإمام محمد بن عبد الوهاب (53) . [4] الأسنة الحداد لابن سحمان (12، 13) ، وانظر: دعاوى المناوئين للدكتور عبد العزيز بن محمد العبد اللطيف (84 - 86) .