عقيدته التي حمل الناس عليها [1] وما زال يطيعه على هذا الأمر كثير من أحياء العرب حي بعد حي حتى قوي أمره فخافته البادية. وكان يقول لهم إنما أدعوكم إلى التوحيد، وترك الشرك بالله، فكانوا يمشون معه حيثما مشى، ويأتمرون له بما شاء حتى اتسع له الملك [2] . وكانوا في مبدأ أمورهم قبل اتساع ملكهم وتطاير شرورهم راموا حج البيت الحرام وكان ذلك في دولة الشريف مسعود بن سعيد بن سعد بن زيد فأرسلوا يستأذنونه في الحج [3] . وأرسلوا قبل ذلك ثلاثين من علمائهم ظنًا منهم أنهم يفسدون عقائد علماء الحرمين ويدخلون عليهم الكذب والمين [4] وطلبوا الإذن في الحج ولو بمقرر يدفعونه [5] .
وكان أهل الحرمين يسمعون [6] بظهورهم في الشرق وفساد عقائدهم ولم يعرفوا حقيقة ذلك، فأمر مولانا الشريف مسعود أن يناظر علماء الحرمين العلماء الذين أرسلوا فناظروهم [7] فوجدوهم ضحكة ومسخرة كحمر مستنفرة فرت من قسورة، ونظروا إلى [1] لم يحمل الأمير محمد بن سعود والإمام محمد بن عبد الوهاب الناس على الدين والحق بالإكراه (لا إكراه في الدين) إنما حملوهم على العمل بشرع الله تعالى، وإقامة الدين في الحياة، من إقامة الفرائض والحدود والعدل كما أمر الله تعالى وكما فعل الرسول صلى الله عليه وسلم وصحابته وسلف الأمة، وإلا لقيل بأن رسول الله صلى الله عليه وسلم وصحابته والسلف الصالح حملوا الناس على الدين بالإكراه، حين قاتلوا العرب والفرس والروم، ليكون الدين لله. [2] وهذا حق، وفضل ومنقبة. [3] وهذا من حقوقهم كسائر المسلمين. [4] هذا من التلبيس وقلب الحقائق، كعادة أهل الأهواء، فإن الشيخ وأتباعه يدعون إلى إصلاح عقائد المسلمين، فكانت دعوتهم إلى توحيد الله تعالى بالعبادة وإلى السنة وترك الشركيات والبدع فكيف يسمي هذا إفسادًا وكذبًا ومينًا. [5] وهذا إقرار منه بفساد سادته وظلمهم وعدوانهم، وأنهم هم البادءون في إعلان العداوة لدعوة التوحيد وأهلها. وإلا لماذا يلجئون المسلمين إلى دفع مقررٍ (كالجزية) ليؤذن لهم في الحج؟! ومع ذلك لما يأذنوا لهم بحقهم المشروع وهو أداء ركن الإسلام، فأين عقول القوم وأشياعهم؟! . [6] فممن سمعوا؟ وماذا سمعوا؟ لقد سمعوا من خصم لدود، ولقد سمعوا - كما هو هنا - كلامًا أكثره من الكذب والبهتان والتلبيس والأوهام والأساطير التي لم تثبت عن التحقيق. [7] لم أجد لهذه المناظرة خبَرًا يبينها إلا مجرد إشارات عابرة ولا ندري من هؤلاء؟ ولعلهم من طلاب العلم، أو من الأعراب المتأثرين إن صحت الرواية.