إلا ببينات وبعد التثبت ومعرفة الحال.
وعلى سبيل المثال كان الشيخ الإمام وأتباعه أحيانًا يطلقون على بعض خصومهم الكفر أو الشرك؛ لأنه تثبت لديهم أن هؤلاء الخصوم واقعون في ذلك فعلاً، وقد قامت عليهم الحجة وبانت لهم الدلائل من خلال ما أقامه الشيخ الإمام وتلاميذه وأشهروه في ذلك.
وكانت البوادي والأعراب في نجد وما حولها - وهم كثيرون آنذاك - لا يكادون يفقهون في دين الله شيئاً، ولا يقيم أكثرهم شعائر الإسلام، وكثيرون منهم لا يؤمنون بالبعث ولا يعرفون ذلك، وقد بين الشيخ الإمام هذه المسألة غاية البيان [1] .
كما كانت مظاهر الشرك والبدع ظاهرة عند البادية والحاضرة من خلال ما يمارسه الكثيرون حول الأضرحة والقباب والمشاهد، والأشجار والأحجار، والأشخاص والآثار ونحو ذلك.
وكانت النزعة الصوفية الغالية لها وجود بينهم (وإن كان فيما يظهر ليس بالكثير) ، كمذهب ابن عربي وابن الفارض [2] .
ولم تكن بقية جزيرة العرب، في الحجاز واليمن بأسعد حظًّا من نجد وبواديها بل كان كثيرون منهم يمارسون البدع والشركيات عن عمد وإصرار.
ومع ذلك كله كان الإمام وأتباعه لا يكفرون الأعيان ولا يكفرون العموم إلا بعد التثبت والبيان.
وقد كفانا الشيخ الإمام وعلماء الدعوة مهمة الدفاع عن الحق، ورد المفتريات من الخصوم، وكشف بهتانهم.
فقال الإمام في إحدى رسائله بعدما ذكر أن عقيدته هي عقيدة أهل السنة والجماعة، وأنه لا يكفر المسلمين: «ولا أكفر أحدًا من المسلمين بذنب، ولا أخرجه عن دائرة الإسلام» [3] . [1] انظر: ابن غنام (1، 144) . [2] انظر: ابن غنام (1، 147) . [3] الدرر السنية (1» ) .