ونحن: بحمد الله برآء من هذين المذهبين، مذهب الخوارج والمعتزلة، ونثبت شفاعة رسول الله صلى الله عليه وسلم وغيره من الأنبياء والصالحين، ولكنها: لا تكون إلا لأهل التوحيد خاصة، ولا تكون إلا بإذن الله، كما قال تعالى: {وَلَا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضَى} [الأنبياء: 28] [سورة الأنبياء، آية: 28] وقال: {مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ} [البقرة: 255] [سورة البقرة، آية: 255] » [1] .
وللشيخ عبد اللطيف بن عبد الرحمن بن حسن كلام مفصَّل يرد تهمة التكفير عن إمام الدعوة وأتباعها، في رسالته لبعض المتشددين ينكر عليهم هذا المسلك الخطير (التكفير) ويتبرأ من هذا المنهج: قال: «وقد رأيت: سنة أربع وستين [2] رجلين من أشباهكم، المارقين بالأحساء قد اعتزلا الجمعة، والجماعة وكفَّرا مَن في تلك البلاد من المسلمين، وحجتهم من جنس حجتكم يقولون: أهل الأحساء يجالسون ابن فيروز، ويخالطونه هو وأمثاله ممن لم يكفر بالطاغوت ولم يصرح بتكفير جده، الذي رد دعوة الشيخ محمد ولم يقبلها وعاداها.
قالا: ومن لم يصرح بكفره فهو كافر بالله، لم يكفر بالطاغوت ومن جالسه فهو مثله؛ ورتبوا على هاتين المقدمتين الكاذبتين الضالتين ما يترتب على الردة الصريحة من الأحكام حتى تركوا رد السلام، فرفع إلي أمرهم، فأحضرتهم وتهددتهم وأغلظت لهم القول؛ فزعموا أولاً: أنهم على عقيدة الشيخ محمد بن عبد الوهاب، وأن رسائله عندهم فكشفت شبهتهم وأدحضت ضلالتهم بما حضرني في المجلس.
وأخبرتهم ببراءة الشيخ من هذا المعتقد والمذهب، وأنه لا يكفر إلا بما أجمع المسلمون على تكفير فاعله، من الشرك الأكبر، والكفر بآيات الله ورسوله، أو بشيء منها، بعد قيام الحجة، وبلوغها المعتبر، كتكفير من عبَد الصالحين، ودعاهم مع الله، وجعلهم أندادًا له، فيما يستحقه على خلقه، من العبادات والإلهية، وهذا مجمع عليه أهل العلم والإيمان، وكل طائفة من أهل المذاهب المقلدة، يفردون هذه المسألة بباب عظيم، يذكرون [1] الدرر السنية (1 - 308) . [2] يقصد سنة (1264هـ) .