«وأما البحث عن التنباك، وقولكم: بلغنا أنكم أفتيتم فيه، بأنه من المسكرات اعتمدنا على قولكم فعارض بعض الراحلين من عندكم، فقالوا: من شربه بعدما تاب منه، فقد ارتد وحل دمه وماله.
فالجواب: أن من نسب إلينا القول بهذا، فقد كذب وافترى، بل من قال هذا القول استحق التعزير البليغ الذي يردعه وأمثاله، فإن هذا مُخالف للكتاب والسنة، بل لو تاب منه، ثم عاد إلى شربه لم يحكم بكفره وردته، ولو أصر على ذلك، إذا لم يستحله، والتكفير بالذنوب مذهب الخوارج، الذين مرقوا من الإسلام، واستحلوا دماء المسلمين بالذنوب والمعاصي» [1] .
وقال الشيخ عبد الرحمن بن حسن: «وهم يقولون بما يذهب إليه السلف الصالح وعامة أهل السنة والجماعة من أن الكفر أنواع وشعب، كما أن الإيمان شعب، وأنه ليس كل كفر يُخرج عن الملة، وأن بعض الذنوب والمعاصي التي تُوصف بأنها كفر، تعني كفرًا دون كفر كما جاءت بذلك السنة، وقد فصَّل الشيخ عبد اللطيف بن عبد الرحمن بن حسن (أحد أحفاد الإمام محمد بن عبد الوهاب) هذه الأحكام حين بيَّن أن الإيمان شعب، وقال: «وكذلك الكفر: أيضًا ذو أصل وشعب فكما أن شعب الإيمان: إيمان، فشعب الكفر: كفر، والمعاصي كلها من شعب الكفر كما أن الطاعات كلها من شعب الإيمان؛ ولا يسوى بينهما في الأسماء والأحكام؛ وفرق بين من ترك الصلاة، أو الزكاة أو الصيام أو أشرك بالله، أو استهان بالمصحف؛ وبين من يسرق ويزني أو يشرب أو ينهب، أو صدر منه نوع موالاة كما جرى لحاطب؛ فمن سوَّى بين شعب الإيمان في الأسماء والأحكام، أو سوى بين شعب الكفر في ذلك، فهو مخالف للكتاب والسنة، خارج عن سبيل سلف الأمة، داخل في عموم: أهل البدع، والأهواء» [2] .
إلى أن قال: «الأصل الرابع: أن الكفر نوعان، كفر عمل؛ وكفر جحود وعناد، وهو: أن يكفر بما علم، أن الرسول صلى الله عليه وسلم جاء به من عند الله، جحودًا وعنادًا من أسماء الرب، [1] الدرر السنية (10 5 - 277) . [2] الدرر السنية (1، 479) .