والذي وردت السنة بالنهي عنه، هو القزع، وهو: حلق بعض الرأس، وترك بعضه، وهذا هو الذي نُهينا عنه ونؤدب فاعله، ولكن الجُهال القادمون إليكم لا يميزون أنواع الكفر والردة، وكثير منهم غرضه نهب الأموال، ونحن لم نأمر أحدًا من الأمراء بقتال من لم يحلق رأسه.
بل نأمرهم بقتال من أشرك بالله، وأبى عن توحيد الله، والتزام شرائع الإسلام وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وصيام رمضان، فإذا فعلوا خلاف ذلك وبلغنا ذلك من فعلهم لم نُقِرهم على ذلك، بل نبرأ إلى الله من فعلهم، ونؤدبهم على قدر جرائمهم، بحول الله وقوته» [1] .
ويقول عبد الكريم بن فخر الدين: «وأما ما ورد في الخوارج سيماهم التحليق، فلا ينطبق على ما ادعاه فإن ترك الشعر واللّمة سنة عند محمد بن عبد الوهاب وأتباعه، فإن كان صحيحًا يحمل أمره ذلك، فيمن كان جديد الإسلام كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ألق عنك شعر الكفر» [2]) » [3] .
ويقول الشوكاني لما بلغته بعض المفتريات والشائعات عن الإمام عبد العزيز بن سعود وعن الإمام محمد بن عبد الوهاب: «وبعض الناس يزعم أنه يعتقد اعتقاد الخوارج، وما أظن ذلك صحيحاً، فإن صاحب نجد وجميع أتباعه يعملون بما تعلموه من محمد بن عبد الوهاب» [4] .
وخلاصة القول أن السلف الصالح أهل السنة والجماعة، ومنهم الإمام وأتباعه لا يتعبدون بالتحليق ولا يجعلون شعارًا لهم، ولا يُلزمون -على جهة التعبد- أحدًا بذلك.
أما ما قد يحدث من أن بعضهم يرغب التحليق عادة، أو يأمر غيره به أحيانًا من غير إلزام، ومن غير براء ممن لم يفعل، أو يحلقه ويأمر بحلقه على جهة النظافة، والتخفف من مشقة صيانة الشعر وتعهده بالدهن والغسل والفرق ونحو ذلك، فهذا مما لا نزاع فيه، وليس مما يُثَرَّب فيه على أحد. [1] الدرر السنية (10 5 - 276) . [2] الحق المبين في الرد على اللهابية المبتدعين، ص (44) ، عن دعاوى المناوئين (190) . [3] رواه أبوداود (1) ، وأحمد (3) من حديث عثيم بن كليب عن أبيه عن جده، وحسنَّه الألباني لشواهده في الإرواء (1) ، وصحيح أبي داود رقم (383) . [4] البدر الطالع (526) .