المقصرين من فقهاء صنعاء وصعدة ذاكروه في مسائل متعلقة بأصول الدين، وبجماعة من الصحابة، فأجاب عليهم جوابات محررة مقررة محققة، تدل على أن المجيب من العلماء المحققين العارفين بالكتاب والسنة، وقد هدم عليهم جميع ما بنوه، وأبطل جميع ما دونوه؛ لأنهم مقصرون متعصبون، فصار ما فعلوه خزيا عليهم وعلى أهل صنعاء وصعدة، وهكذا من تصدر ولم يعرف مقدار نفسه، وأرسل صاحب نجد مع الكتابين المذكورين بمكاتبة منه إلى سيدي المولى الإمام، فدفع حفظه الله جميع ذلك إلي، فأجبت عن كتابه الذي كتب إلى مولانا الإمام حفظه الله على لسانه بما معناه أن الجماعة الذين أرسلوا إليه بالمذاكرة لا ندري من هم، وكلامهم يدل على أنهم جهال، والأصل والجواب موجودان في مجموعي.
وفي سنة (1217) دخلت بلاد أبي عريش وأشرافها في طاعة صاحب نجد، ثم تزلزلت الديار اليمنية بذلك، واستولى أصحابه على بعض ديار تهامة، وجرت أمور يطول شرحها، وهي الآن في سريان، وقد أفردت ما بلغنا من ذلك في مصنف مستقل؛ لأن هذه الحادثة قد عمت وطمت، وارتجفت لها أقطار الديار الشامية والمصرية والعراقية والرومية، بل وسائر الديار، ولا سيما بعد دخول أصحاب النجدي مكة المشرفة، وطرد أشرافها عنها، ولله أمر هو بالغه.
ثم في سنة (1222) وصل إلينا جماعة من صاحب نجد سعود بن عبد العزيز، لبعضهم معرفة في العلم، ومعهم مكاتيب من سعود إلى الإمام المنصور بالله - رحمه الله - تعالى، وإلي أيضا، ثم وصل جماعة آخرون كذلك في سنة (1227) ، ثم وصل جماعة آخرون كذلك في سنة (1228) ، ودار مع هؤلاء الواردين ومع غيرهم من المكاتبة ما لا يتسع المقام لبسطه " [1] .
* ويشهد المؤرخ الشهير عبد الرحمن الجبرتي للدعوة وأهلها فيقول في حوادث سنة (1221 هـ) :
" وفي هذه الأيام أيضا وصلت الأخبار من الديار الحجازية بمسالمة الشريف غالب للوهابيين؛ وذلك لشدة ما حصل لهم [2] من المضايقة الشديدة، وقطع الجالب عنهم من كل ناحية حتى وصل ثمن الأردب المصري من الأرز خمسمائة ريال، والأردب البر ثلاثمائة [1] البدر الطالع (525 - 527) . [2] يعني أهل مكة قبل دخول الإمام سعود.