فعاهده على منع ذلك كله، وعلى هدم القباب المبنية على القبور والأضرحة؛ لأنها من الأمور المحدثة التي لم تكن في عهده.
بعد المناظرة مع علماء تلك الناحية وإقامة الحجة عليهم بالأدلة القطعية التي لا تقبل التأويل من الكتاب والسنة وإذعانهم لذلك، فعند ذلك أمنت السبل، وسلكت الطريق بين مكة والمدينة، وبين مكة وجدة والطائف، وانحلت الأسعار، وكثر وجود المطعومات، وما يجلبه عربات الشرق إلى الحرمين من الغلال والأغنام والأسمان والأعسال حتى بيع الأردب من الحنطة بأربعة ريالات.
واستمر الشريف غالب يأخذ العشور من التجار، وإذا نوقش في ذلك يقول: هؤلاء مشركون، وأنا آخذ من المشركين، لا من الموحدين " [1] .
* ويقول الأستاذ محمود شكري الألوسي عن عقيدة أهل نجد ومنهجهم، وأنهم على نهج السلف الصالح:
" والحاصل أن مذهبهم في أصول الدين مذهب أهل السنة والجماعة، وأن طريقتهم طريقة السلف التي هي الطريق الأسلم، بل الأحكم، وهي أنهم يقرون آيات الصفات والأحاديث على ظاهرها، ويكلون معناها إلى الله تعالى كما قال الإمام مالك في الاستواء، ويعتقدون أن الخير والشر كله بمشيئة الله تعالى ".
" وأما ما يكذب عليهم بأنهم يفسرون القرآن برأيهم، ويأخذون من الحديث ما وافق فهمهم من دون مراجعة شرح، ولا معول في شيخ، وأنهم يضعون من رتبة النبي صلى الله عليه وسلم، وأنه ليس له شفاعة، وأن زيارته غير مندوبة، وأنهم لا يعتمدون أقوال العلماء، وأنهم يتلفون مؤلفات أهل المذاهب لكون الحق والباطل فيها، وأنهم مجسمة، وأنهم يكفرون الناس على الإطلاق من بعد الستمائة إلى هذا الزمان إلا من كان على ما هم عليه، وأنهم لا يقبلون بيعة أحد إلا إذا أقر عليه أنه كان مشركا، وأن أبويه ماتا على الشرك بالله، وأنهم ينهون عن الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، وأنهم يحرمون زيارة القبور المشروعة مطلقا، وأنهم لا يرون حقا لأهل البيت، وأنهم يجبرونهم على تزويج غير الكفء لهم، إلى غير ذلك من الافتراءات، فكل ذلك زور عليهم وبهتان وكذب [1] تاريخ الجبرتي (3، 117) .