responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : إسلامية لا وهابية نویسنده : العقل، ناصر بن عبد الكريم    جلد : 1  صفحه : 335
وتحميه، بل تنشره في أقطار نجد بالدعوة اللينة حينا وبالسيف والحرب في أكثر الأحيان، وعن هذا التحالف بين الدين والسياسة نشأت في الجزيرة العربية دولة سياسية عظم أمرها واشتد خطرها حتى أشفق منها الترك أشد الإشفاق، فقاوموها ما وسعتهم المقاومة، فلما لم يفلحوا استعانوا بالمصريين وكان أمرهم إذ ذاك إلى محمد علي الكبير، فنجح المصريون في إضعاف هذه الحركة وإزالة هذه الدولة الجديدة، ورد أمرائها إلى ما كانوا عليه قبل ذلك من التواضع، فلا بد من وقفة قصيرة عند هذا المذهب الجديد لنعرف ما هو؟ وما مبلغ تأثيره في الحياة العقلية العربية في هذا العصر الحديث؟
قلت: إن هذا المذهب جديد قديم معا، والواقع أنه جديد بالنسبة إلى المعاصرين، ولكنه قديم في حقيقة الأمر لأنه ليس إلا الدعوة القوية إلى الإسلام الخالص النقي المطهر من كل شوائب الشرك والوثنية، هو الدعوة إلى الإسلام كما جاء به النبي خالصا لله وحده ملغيا لكل واسطة بين الله وبين الناس، هو إحياء للإسلام العربي وتطهير له مما أصابه من نتائج الجهل ومن نتائج الاختلاط بغير العرب، فقد أنكر محمد بن عبد الوهاب على أهل نجد ما كانوا قد عادوا إليه من جاهلية في العقيدة والسيرة، وكانوا يعظمون القبور، ويتخذون بعض الموتى شفعاء عند الله، ويعظمون الأشجار والأحجار، ويرون أن لها من القوة ما ينفع وما يضر.
وكانوا قد عادوا في سيرتهم إلى حياة العرب الجاهليين، فعاشوا من الغزو والحرب، ونسوا الزكاة والصلاة، وأصبح الدين اسما لا مسمى له، فأراد محمد بن عبد الوهاب أن يجعل من هؤلاء الأعراب الجفاة المشركين قوما مسلمين حقا على نحو ما فعل النبي بأهل الحجاز منذ أكثر من أحد عشر قرنا.
ومن الغريب أن ظهور هذا المذهب الجديد في نجد قد أحاطت به ظروف تذكر بظهور الإسلام في الحجاز، فقد دعا صحبه إليه باللين أول الأمر فتبعه بعض الناس، أظهر دعوته فأصابه الاضطراب وتعرض للخطر، ثم أخذ يعرض نفسه على الأمراء ورؤساء العشائر كما عرض النبي نفسه على القبائل، ثم هاجر إلى الدرعية وبايعه أهلها على النصر، كما هاجر النبي إلى المدينة، ولكن ابن عبد الوهاب لم يرد أن يشتغل بأمور الدنيا فترك السياسة لابن سعود، واشتغل هو بالعلم والدين، واتخذ السياسة وأصحابها أداة لدعوته، فلما تم له هذا أخذ يدعو الناس إلى مذهبه، فمن أجاب منهم قبل منه، ومن امتنع عليه أغرى به السيف وشب عليه الحرب، وقد انقاد أهل نجد لهذا المذهب، وأخلصوا له الطاعة، وضحوا بحياتهم في سبيله على نحو ما انقاد العرب للنبي وهاجروا معه.

نام کتاب : إسلامية لا وهابية نویسنده : العقل، ناصر بن عبد الكريم    جلد : 1  صفحه : 335
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست