حتى إن الوثائق الرسمية المتبادلة بين محمد علي والباب العالي تنعت الأمير السعودي الذي يعمل على نشر مبادئ الدعوة السلفية باسم «الخارجي» [1][2] .
ويقول محمد جلال كشك: «ودعوة التوحيد التي نادى بها الشيخ [3] تقبلها العلماء في شتى بلدان العالم الإسلامي، أو قل: لم يستطع أحد منهم أن يرفضها، بل على العكس ركز خصومها على اتهامها بأنه «لا جديد فيها» واهتموا بمناقشة الشكليات، وافتراء الاتهامات، بينما أعلن أكثر من عالم وفقيه أو حتى مستشرق انطباقها على مبادئ الإسلام الصحيحة.
كذلك ذهب ابن بشر إلى أن الشريف غالب وافق على أفكار الشيخ لولا أن الحاشية حذرته بأن الوهابيين إنما يريدون ملكه وليس ضميره، «فارتعش قلبه وطار» .
ومحمد بن عبد الوهاب، اهتم اهتمامًا كبيرًا، هو وورثته من بعده، بتأكيد أنه لا جديد في دعوته، وأنه لم يأت بمذهب خامس، وهذا صحيح بالطبع، وإن كان الحرص على نفي تهمة المذهب الخامس «أمر مبالغ فيه؛ لأن المذاهب في حد ذاتها، ليست أديانًا منزلة، وإنما هي اجتهادات وهم رجال ونحن رجال» .
لقد ظل هذا الحرص على نفي شبه المذهبية الجديدة يلازم رجال الحركة في المسجد والدولة، إلى حد اتقاء كلمة «الوهابية» والإصرار على أن «محمد بن عبد الوهاب» ليس أكثر من تلميذ أو فقيه من فقهاء المذهب الحنبلي «المعترف» به، فلماذا انفرد هو بذلك الأثر الذي أحدثه، وبتلك القدرة على تفجير طاقات غيرت تاريخ المنطقة؟» .
«فهو لا يدعو «إلى مذهب صوفي، أو فقيه، أو متكلم، أو إمام من الأئمة الذين أعظمهم» ، «أدعو إلى سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، التي أوصى بها أول أمته وآخرهم، وأرجو أني لا أرد الحق إذا أتاني بل أشهد الله وملائكته وجميع خلقه. إن أتانا منكم كلمة من الحق، لأقبلنها على الرأس والعين ولأضربن الجدار بكل ما خالفها» . [1] من الباب العالي إلى محمد علي، دفتر (1) معية تركي، ص (4) ، وثيقة (2) يناير (1808م) ، ذي الحجة (1222هـ) (د. عبد الرحيم) . [2] الدولة السعودية الأولى للدكتور عبد الرحيم عبد الرحمن عبد الرحيم (1
، 41) . [3] يعني الإمام محمد بن عبد الوهاب.