فالمملكة بحكم مسئوليتها الدينية، وبحكم سيادتها وبصفتها دولة إسلامية تحكم أرض المقدسات ملتزمة شرعًا بمنع إنشاء المعابد لغير المسلمين في أراضيها، ومن المعلوم أن المجتمع الدولي في العصر الحديث يتكون من دول ذات سيادة على أراضيها بحدود معترف بها، وأنه من حق كل دولة أن تطبق أنظمتها (قوانينها) داخل حدودها على رعاياها وعلى المقيمين على أراضيها، وألا يطبق في أراضيها نظام (قانون) أجنبي إلا طبقًا لدستورها ونظامها العام، وأمَّا سريان التزاماتها التعاهدية بموجب مواثيق منظمة الأمم المتحدة وقراراتها التي تتناول حقوق الإنسان على وجه الخصوص فهو مقيد بشرط عدم المساس بنظام الدولة ودينها وأمنها العام، حسبما ورد في نصوص المواثيق والإعلانات الدولية الخاصة بحقوق الإنسان.
والشريعة الإسلامية لا تمنع حق الإنسان في الاعتقاد وممارسة الشعائر، ومن ثم فالمملكة العربية السعودية - التي تلتزم بالشريعة الإسلامية في سياستها الداخلية والخارجية - لا تعارض المواثيق الدولية المتعلقة بالمبادئ العامة والخاصة لحقوق الإنسان الأساسية في مجال حرية الاعتقاد وممارسة الشعائر، وقد يوجد الخلاف حول بعض المفاهيم في مجال تطبيق هذه المبادئ وكيفية تنفيذها، وعلى الحدود التي ينبغي عدم تعديها في هذا الشأن، لكن ليس لأحد أن يفرض علينا مفهومًا يُختلف عليه.
فالإسلام لا يبيح أن يقام في الجزيرة العربية أماكن للعبادة غير المساجد، ولا أن تمارس فيها الشعائر الدينية لغير المسلمين علانية، لما روى مالك في الموطأ عن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «لا يبقين دينان في جزيرة العرب» [1] .
وليس القصد من هذا اتخاذ موقف تمييزي ضد غير المسلمين من معتنقي الديانات الأخرى؛ لأن هذا التحريم شمل العرب غير المسلمين أيضًا، كما أن الشرع الإسلامي جعل لبعض مناطق الجزيرة حرمة خاصة فلا يجوز لغير المسلم عربيًا كان أم غير عربي أن يدخل الأماكن المقدسة (كالحرم المكي) كما لا يجوز للمسلم نفسه أن يخل بحرمتها ولو بصيد الحيوان أو [1] رواه مالك ص (556) ، مرسلًا عن عمر بن عبد العزيز ولفظه «كان آخر ما تكلم به رسول الله – صلى الله عليه وسلم - أنه قال: قاتل الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد ولا يبقين دينان بأرض العرب» .
وله شاهد من حديث ابن عباس عند البخاري رقم (3168) ومسلم (4232) .