[المبحث الثالث حال نجد وما حولها يقتضي ضرورة قيام الدعوة]
المبحث الثالث: حال نجد وما حولها يقتضي ضرورة قيام الدعوة: وليس أصدق في وصف حال نجد وما حولها من أهلها لا سيما العلماء والباحثين الذين عنوا بهذا الأمر، وعلى رأسهم إمام الدعوة الذي أعلن دعوته الإصلاحية من هذا المنطلق - أعني تشخيص الأمراض التي يعيشها المجتمع النجدي وسائر الأمة - فقد وصف الإمام نفسه الواقع الذي يعيشه كثير من المسلمين في نجد وغيرها، وما شاع بينهم من بدع وخرافات ومظالم وجهالات، وكان هذا الواقع هو السبب والباعث لقيام الإمام بدعوته الإصلاحية، وكثيرًا ما كان يخاطب الناس من هذا المنطلق، فقال محاورًا لمخالفيه ومبينًا لهم وجود عظائم المخالفات قال: «منها - وهو أعظمها - عبادة الأصنام عندكم، من بشر وحجر؛ هذا يذبح له؛ وهذا ينذر له؛ وهذا يطلب إجابة الدعوات وإغاثة اللهفات؛ وهذا يدعوه المضطر في البر والبحر؛ وهذا يزعمون أن من التجأ إليه ينفعه في الدنيا والآخرة ولو عصى الله!
فإن كنتم تزعمون: أن هذا ليس هو عبادة الأصنام والأوثان المذكورة في القرآن، فهذا من العجب؛ فإني لا أعلم أحدًا من أهل العلم يختلف في ذلك، اللهم إلا أن يكون أحد وقع فيما وقع فيه اليهود، من إيمانهم بالجبت والطاغوت؛ وإن ادعيتم أنكم لا تقدرون على ذلك، فإن لم تقدروا على الكل، قدرتم على البعض؛ كيف وبعض الذين أنكروا عليّ هذا الأمر، وادَّعوا أنهم من أهل العلم، ملتبسون بالشرك الأكبر، ويدعون إليه، ولو يسمعون إنسانًا يجرد التوحيد، لرموه بالكفر والفسوق؛ ولكن نعوذ بالله من رضى الناس بسخط الله.
ومنها: ما يفعله كثير من أتباع إبليس، وأتباع المنجمين والسحرة والكهان، ممن ينتسب إلى الفقر، وكثير ممن ينتسب إلى العلم من هذه الخوارق التي يوهمون بها الناس، ويشبهون بمعجزات الأنبياء، وكرامات الأولياء، ومرادهم أكل أموال الناس بالباطل؛ والصد عن سبيل الله، حتى إن بعض أنواعها يعتقد فيه من يدعي العلم: أنه من العلم الموروث عن الأنبياء، من علم الأسماء، وهو من الجبت والطاغوت، ولكن هذا مصداق قوله - صلى الله عليه وسلم -: «لتتبعن سنن من كان قبلكم» [1] . [1] رواه البخاري (3456) ، ومسلم (2669) من حديث أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه.