المؤمنين، وذكرهم به من بعث الأنبياء والرسل» [1] .
ويقول الشيخ إسماعيل الدهلوي في كتابه رسالة التوحيد في وصف حال المسلمين عمومًا وفي الهند بخاصة تحت عنوان: «استفحال فتنة الشرك والجهالة في الناس» يقول: «اعلم أن الشرك قد شاع في الناس في هذا الزمان وانتشر، وأصبح التوحيد الخالص غريبًا، ولكن معظم الناس لا يعرفون معنى الشرك، ويدعون الإيمان مع أنهم قد تورطوا في الشرك وتلوثوا به، فمن المهم قبل كل شيء أن يفقه الناس معنى الشرك والتوحيد، ويعرفوا حكمهما في القرآن والحديث» [2] .
ثم قال تحت عنوان «مظاهر الشرك وأشكاله المتنوعة» : «ومن المشاهد اليوم أن كثيرًا من الناس يستعينون بالمشايخ والأنبياء، والأئمة والشهداء، والملائكة، والجنيات عند الشدائد، فينادونها، ويصرخون بأسمائها، ويسألون عنها قضاء الحاجات، وتحقيق المطالب، وينذرون لها، ويقربون لها قرابين لتسعفهم بحاجاتهم، وتقضي مآربهم، وقد ينسبون إليها أبناءهم طمعًا في رد البلاء، فيسمي بعضهم ابنه بعبد النبي» [3] .
وبالجملة: فإن هذا الواقع المتردي وهذه الأسباب وغيرها كانت من الدوافع الطبيعية التي هي من سنن الله، والدوافع الشرعية استجابة لأمر الله، وقد استدعت (بالضرورة) قيام دعوة إصلاحية شاملة تقوم على تجديد الدين بإحياء ما اندرس منه، وبإصلاح أحوال الأمة في سائر نواحي الحياة في العقيدة والعبادة والعلم والسلطة والاقتصاد والاجتماع، وجماع ذلك كله (إخلاص العبادة لله وحده) والعمل بمقتضى شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله.
فقامت هذه الدعوة الإصلاحية المباركة تحقيقًا لوعد الله تعالى بتجديد الدين، ونصر المؤمنين، وبقاء طائفة من هذه الأمة على الحق ظاهرين إلى قيام الساعة.
ومن المعلوم والبدهي أن هذه الغاية العظمى لا يمكن أن تظهر في أرض الواقع، ويكون بها الإصلاح المشروع المنشود إلا بالعلم والدعوة، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر [1] الدرر السنة (1) باختصار. [2] رسالة التوحيد ص (25) . [3] رسالة التوحيد ص (25، 26) .