أحاط بكل شيء علما، ولا يلزم من عدم رؤيتهم عدم وجودهم؛ لأنه قد يكون الله عز وجل صرفهم عن رؤية يأجوج ومأجوج ورؤية السد، أو جعل بينهم وبين الناس أشياء تمنع من الوصول إليهم كما حصل لبني إسرائيل حين ضرب الله عليهم التيه في فراسخ قليلة من الأرض، فلم يطلع عليهم الناس حتى انتهى أمد التيه، والله سبحانه وتعالى على كل شيء قدير، جعل لكل شيء أجلا ووقتا، قال تعالى: {وَكَذَّبَ بِهِ قَوْمُكَ وَهُوَ الْحَقُّ قُلْ لَسْتُ عَلَيْكُمْ بِوَكِيلٍ - لِكُلِّ نَبَإٍ مُسْتَقَرٌّ وَسَوْفَ تَعْلَمُونَ} [الأنعام: 66 - 67] [1] . وما عجز الأوائل عن اكتشاف ما اكتشفه المتأخرون إلا لأن الله عز وجل جعل لكل شيء أجلا [2] .
[المسألة الرابعة هلاك يأجوج ومأجوج وطيب العيش وبركته بعد موتهم] المسألة الرابعة: هلاك يأجوج ومأجوج وطيب العيش وبركته بعد موتهم بعد طغيان يأجوج ومأجوج وإفسادهم وعتوهم في الأرض وإهلاكهم للحرث والنسل، يتضرع نبي الله عيسى ابن مريم عليه السلام وأصحابه إلى الله سبحانه وتعالى، ليكشف عنهم ما حل بهم من البلاء والمحن التي لم يجدوا بأنفسهم حيلة ولا قوة لدفعها، فيستجيب الله لهم، فيسلط الله عليهم الدود الصغير فيهلكهم فيصبحون موتى موت الجراد، يركب بعضهم بعضا، فتمتلئ الأرض من نتنهم، فيؤذون الناس بنتنهم أشد من حياتهم، فيتضرع نبي الله عيسى وأصحابه ثانية إلى الله عز وجل فيرسل طيرا تحملهم وتطرحهم في البحر، ثم يرسل مطرا تغسل آثارهم، ثم يأمر الله الأرض لترد بركتها وتنبت ثمارها، فيعم الرخاء، وتطرح البركة فيعيش عيسى ابن مريم وأصحابه في عيش رغيد.
ففي حديث النواس بن سمعان رضي الله عنه الطويل الذي مر ذكره فيما سبق أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال فيه: «ويحاصر عيسى ابن مريم وأصحابه حتى يكون رأس الثور لأحدهم خيرا من مائة دينار لأحدكم اليوم، فيرغب نبي الله عيسى عليه [1] سورة الأنعام، الآيتان: 66، 67. [2] انظر: إتحاف الجماعة (2 / 297) ، والإرشاد إلى صحيح الاعتقاد (214) .