على هذا القول حديث حذيفة. . . "، ولقد أحسن من قال:
واذكر خروج فصيل ناقة صالح ... يسم الورى بالكفر والإيمان (1)
القول الثاني: أنها دابة جمعت من خلق كل حيوان.
القول الثالث: أنها إنسان متكلم يناظر أهل البدع والكفر ويجادلهم حتى يتبين الصادق من الكاذب فيحيا من حيَّ عن بينة ويهلك من هلك عن بينة، وقد رد القرطبي - رحمه الله تعالى - على هذا القول وبين أنه قول فاسد مخالف لظاهر الآية والأحاديث الصحيحة فقال - رحمه الله -: " وإنما كان هذا القائل الأقرب لقوله تعالى: {تُكَلِّمُهُمْ} [النمل: 82] وعلى هذا فلا يكون في هذه الدابة آية خاصة خارقة للعادة، ولا تكون من العشر آيات المذكورة في الحديث؛ لأن وجود المناظرين والمحتجين على أهل البدع كثير، فلا آية خاصة بها، فلا ينبغي أن تذكر مع العشر، وترتفع خصوصية وجودها إذا وقع القول، ثم فيه العدول عن تسمية هذا الإنسان المناظر الفاضل العالم الذي على أهل الأرض أن يسموه باسم الإنسان أو بالعالم أو بالإمام إلى أن يسمى بدابة، وهذا خروج عن عادة الفصحاء، وعن تعظيم العلماء، وليس ذلك دأب العقلاء، فالأولى ما قاله أهل التفسير، والله أعلم بحقائق الأمور " [2] .
القول الرابع: أنها الثعبان المشرف على جدار الكعبة التي اقتلعتها العقاب حين أرادت قريش بناء الكعبة [3] .
القول الخامس: أنها دابة مزغبة شعراء ذات قوائم، طولها ستون ذراعا، ويقال: إنها الجساسة [4] المذكورة في حديث تميم الداري رضي الله عنه والذي أخرجه الإمام مسلم في صحيحه عن فاطمة بنت قيس رضي الله عنها عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
(1) التذكرة (2 / 822) . [2] تفسير القرطبي (13 / 236) ، والتذكرة له (2 / 818) . [3] التذكرة للقرطبي (2 / 236) ، فتح القدير للشوكاني (4 / 151) . [4] انظر التذكرة (2 / 819) ، وشرح النووي لمسلم (18 / 78) ، وفتح القدير للشوكاني (4 / 151) .