ولا شك أن مما يجب على العباد، محبة ربهم الذي خلقهم وأنعم عليهم، ولكن حصول هذه المحبة وقبولها متوقف على اتباع هذا النبي الكريم صلى الله عليه وسلم، فقد جعل الله من ثواب اتباعه محبة الله تعالى لمن اتبعه ومغفرته له، ولكن علامة هذا الاتباع طاعته صلى الله عليه وسلم والسير على نهجه، والاقتداء به في سيرته وأعماله وقرباته، وتجنب كل ما نهى عنه، والحذر من مخالفته التي نهايتها الخروج عن التأسي به؛ لأن الله سبحانه وتعالى إنما تعبدنا بطاعته واتباع رسوله صلى الله عليه وسلم بما شرع لنا من هذا الدين الكامل، ولهذا رد رسول الله صلى الله عليه وسلم على الذين أعرضوا عن الطيبات التي أنعم الله بها على عباده وهجروها تعبدا لله وتقربا إليه، وقال لهم صلى الله عليه وسلم: «أما والله إني لأخشاكم لله وأتقاكم له، لكني أصوم وأفطر، وأصلي وأرقد، وأتزوج النساء، فمن رغب عن سنتي فليس مني» [1] .
والمتأمل في حال كثير من المسلمين اليوم يرى أنهم تركوا الاتباع والاقتداء بسنة النبي صلى الله عليه وسلم حتى أصبحت السنة عندهم أمرا مستغربا مستنكرا لجهلهم بها وبعدهم عنها، واستبدلوا ذلك بالبدع التي لا أصل لها ولا دليل عليها من كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم، فاتخذوها دينا يدينون به، فانعكست بذلك الموازين لديهم فأصبحوا يرون الحق باطلا والباطل حقا، والمعروف منكرا والمنكر معروفا، وما ذلك إلا لكونهم لم يعرفوا من الإسلام إلا اسمه ولا من القرآن إلا رسمه، بسبب ما هم عليه من قلة العلم وعدم معرفتهم بالسنة، حتى وصل الحال إلى الوقوع في الشرك كما هو مشاهد في كثير من بلاد المسلمين، وذلك بصرف ما هو حق لله سبحانه وتعالى، لأصحاب القبور وإشراكهم مع الله فيما لا يستحقه ولا يقدر عليه إلا الله، وهذا هو الشرك الأكبر الذي لا يغفره الله أبدا.
ومن أصول الإيمان ولوازمه، التصديق الجازم بكل ما أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم والتسليم بصحة كل ما أخبر به، وبأنه بلغ الرسالة؛ لأن ما جاء به وحي من الله تعالى، كما قال تعالى: {وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى - إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى} [النجم: 3 - 4] [2] . [1] أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب النكاح (6 / 117) . [2] سورة النجم، الآية: 3 - 4.