قال القاضي عياض [1] - رحمه الله -: " انشقاق القمر من أمهات معجزات نبينا صلى الله عليه وسلم، وقد رواها عدة من الصحابة رضي الله عنهم مع ظاهر الآية الكريمة وسياقها. قال الزجاج: وقد أنكرها بعض المبتدعة المضاهين لمخالفي الملة، وذلك لما أعمى الله قلبه، ولا إنكار للعقل فيه؛ لأن القمر مخلوق لله تعالى يفعل فيه ما يشاء كما يفنيه ويكوره في آخر أمره " [2] .
وقال الحافظ ابن حجر: " وقد أنكر جمهور الفلاسفة [3] انشقاق القمر متمسكين بأن الآيات العلوية لا يتهيأ فيها الانخراق والالتئام، وكذا قالوا في فتح أبواب السماء ليلة الإسراء، إلى غير ذلك من إنكارهم ما يكون يوم القيامة من تكوير الشمس وغير ذلك، وجواب هؤلاء: إن كانوا كفارا، أن يناظروا أولا على ثبوت دين الإسلام، ثم يشركوا مع غيرهم ممن أنكر ذلك من المعلمين، ومتى سلم المسلم بعض ذلك دون بعض ألزم التناقض، ولا سبيل إلى إنكار ما ثبت في القرآن من الانخراق والالتئام في القيامة، فيستلزم جواز وقوع ذلك معجزة لنبي الله صلى الله عليه وسلم " [4] . [1] هو عياض بن موسى بن عياض بن عمرو اليحصبي الأندلسي، أبو الفضل، الحافظ المحدث الفقيه، صنف كتبا كثيرة منها: الشفا في شرف المصطفى، توفي سنة 544 هـ.
وفيات الأعيان (3 / 483) ، سير أعلام النبلاء (20 / 212) . [2] إكمال المعلم بفوائد مسلم (8 / 333) . [3] الفلاسفة: جمع فيلسوف، هم ينسبون إلى الفلسفة، والفلسفة كلمة يونانية مركبة من كلمتين: فيلا أي محب وصوفيا: معناه الحكمة، فمعناها: محب الحكمة، ومن آراء معظم الفلاسفة: القول بقدم العالم، وإنكار النبوات، وإنكار البعث الجسمانى، وقد دخل مذهب الفلاسفة إلى المسلمين بواسطة الكتب التي ترجمت إلى العربية. انظر: الملل والنحل: (2 / 795) ، إغاثة اللهفان (2 / 256) ، مبادئ الفلاسفة ص (16) . [4] فتح الباري لابن حجر (7 / 185) .