ومنهم سجاح بنت الحارث التغلبية، كانت من نصارى العرب، وقد ادعت النبوة بعد موت الرسول صلى الله عليه وسلم فالتف حولها أناس كثير من قومها ومن غيرهم وغزت بهم القبائل المجاورة حتى وصلت إلى بني تميم، فاصطلحوا معها، وسارت حتى وصلت اليمامة والتقت بمسيلمة وصدقته وتزوجها، ولما قتل مسيلمة رجعت إلى بلادها وأقامت في قومها بني تغلب، ثم أسلمت وحسن إسلامها، ثم انتقلت بعد ذلك إلى البصرة وماتت بها [1] .
وأما في عصر التابعين وما بعده فظهر المختار بن أبي عبيد الثقفي، الذي تظاهر بالتشيع أولا فالتف حوله جماعة كثيرة من الشيعة [2] وكان يقول بإمامة محمد بن الحنفية، وكان يدعو الناس إليه، وزعم أن جبريل عليه السلام ينزل عليه، وقد استولى على الكوفة ونواحيها وقتل كل من كان بالكوفة من الذين قاتلوا الحسين بن علي بكربلاء، وقد دارت بينه وبين مصعب بن الزبير عدة معارك كانت الدائرة فيها عليه والغلبة لمصعب، فقتل المختار، وفرح المسلمون بذلك [3] .
ومنهم الحارث بن سعيد الكذاب الذي أظهر التعبد والتنسك في دمشق ثم زعم أنه نبي، ولما علم أن الخبر وصل إلى الخليفة عبد الملك بن مروان اختفى وجهل الناس خبره، فاستطاع رجل من أهل البصرة أن يعرف مكانه وتظاهر له بالتصديق فأمر الحارث ألا يحجب منه هذا الرجل متى ما أراد الدخول عليه، [1] انظر: تاريخ ابن جرير الطبري (3 / 271 - 275) ، وتاريخ ابن خلدون (2 / 874) ، والبداية والنهاية (6 / 319 - 321) . [2] الشيعة: هم الذين شايعوا عليا رضي الله عنه، وقدموه على سائر الصحابة، ثم ظهرت فيها السبئية المنتسبون إلى عبد الله بيت سبأ فادعوا إمامة علي بالنص، وقالوا: بالغيبة والرجعة، ثم ساقوا الإمامة في ذريته على اختلاف بينهم، والشيعة فرق كثيرة منهم الغالي ومنهم دون ذلك، تم صار التشيع ستارا للفرق الباطنية الملحدة. انظر: مقالات الإسلاميين (1 / 65) ، والملل والنحل (1 / 146) . [3] انظر: الفرق بين الفرق (45 - 55) ، والبداية والنهاية (8 / 311 - 314) .