[المطلب السادس ولادة الأمة ربتها وتطاول الحفاة العراة رعاء الشاء في البنيان]
المطلب السادس: ولادة الأمة ربتها وتطاول الحفاة العراة رعاء الشاء في البنيان من علامات الساعة التي ظهرت وأخبر بها الرسول صلى الله عليه وسلم ولادة الأمة ولدا يكون له السيادة عليها، وتفاخر الناس بالبنيان الشاهق، وزخرفة البيوت بعد أن كانوا حفاة يعيشون في خيام الشعر ويرعون الشياه والبعير، كما دل على ذلك الحديث المشهور عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه في حديث جبريل الطويل وسؤاله عن الإسلام والإيمان والإحسان والساعة، «قال له جبريل عليه السلام:. . فأخبرني عن الساعة؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " ما المسؤول عنها بأعلم من السائل "، قال: فأخبرني عن أماراتها؟ ، قال: " أن تلد الأمة ربتها، وأن ترى الحفاة العراة العالة رعاء الشاء يتطاولون في البنيان» [1] . ومضمون ما ذكر من أشراط الساعة في هذا الحديث أن تنقلب الموازين، وتصبح الأمور في غير محلها اللائق بها، كأن يصبح الولد سيدا ومولى لأمه، ويحدث هذا عندما يتسع الإسلام، ويكثر السراري، ويتخذ الناس السراري ويكثر منهن الأولاد، فيكون الرجل من أمته في معنى السيد لأمه، إذا كانت مملوكة لأبيه، وملك الأب راجع إلى الولد، وكذلك ابنتها؛ لأنها في الحسب كأبيها. وكذلك بالنسبة للحفاة العراة رعاء الشاء، أهل الجهل والجفاء عندما تختل الموازين بكثرة الأموال بين أيديهم، يصبحون هم رؤوس الناس فيتطاولون في البنيان ويتنافسون على وجه التفاخر والخيلاء، في زخرفة العمارات وعدد أدوارها بعد أن كانوا أهل تنقل وترحال لا تستقر بهم دار.
يقول العلامة حمود التويجري - رحمه الله تعالى -: " والتطاول في البنيان يكون بتكثير طبقات البيوت ورفعها إلى فوق، ويكون بتحسين البناء وتقويته وتزويقه، ويكون بتوسيع البيوت وتكثير مجالسها ومرافقها، وكل ذلك واقع في زماننا حين كثرت الأموال وبسطت الدنيا على الحفاة العراة العالة، فالله المستعان ([2]) ". [1] أخرجه مسلم في صحيحه، كتاب الإيمان (1 / 36) . [2] إتحاف الجماعة (2 / 162) .