في ذلك، وكل هذا قد وقع كما أخبر به رسولنا صلى الله عليه وسلم الصادق المصدوق كما سبق ذلك في حديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وكما في حديث ابن عباس رضي الله عنهما: «أن جبريل عليه السلام قال للنبي صلى الله عليه وسلم: فحدثني متى الساعة؟ ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " سبحان الله من خمس من الغيب لا يعلمهن إلا هو. . . ولكن إن شئت حدثتك بمعالم لها دون ذلك. . . "، قال: أجل يا رسول الله فحدثني، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إذا رأيت الأمة ولدت ربتها أو ربها، ورأيت أصحاب الشاء تطاولوا بالبنيان ورأيت الحفاة الجياع العالة كانوا رؤوس الناس فذلك من معالم الساعة وأشراطها "، قال: يا رسول الله ومن أصحاب الشاء والحفاة الجياع العالة؟ قال: " العرب» [1] .
قال القرطبي: " المقصود الإخبار عن تبدل الحال بأن يستولي أهل البادية على أمر، ويتملكوا البلاد بالقهر فتكثر أموالهم وتنصرف هممهم إلى تشييد البنيان والتفاخر به، وقد شاهدنا ذلك في هذه الأزمان " [2] .
وقال ابن رجب الحنبلي: " ومضمون ما ذكر من أشراط الساعة في هذا الحديث يرجع إلى أن الأمور توسد إلى غير أهلها كما قال النبي صلى الله عليه وسلم لمن سأله عن الساعة: «إذا وسد الأمر إلى غير أهله فانتظر الساعة» [3] فإنه إذا صار الحفاة العراة رعاء الشاء وهم أهل الجهل والجفاء رؤوس الناس وأصحاب الثروة والأموال حتى يتطاولوا في البنيان فإنه يفسد بذلك نظام الدين والدنيا " [4] .
ويقول الحافظ ابن حجر: " ومعنى التطاول في البنيان أن كل من يبني بيتا يريد أن يكون ارتفاعه أعلى من ارتفاع الآخر، ويحتمل أن يكون المراد: المباهاة في الزينة والزخرفة أو أعم من ذلك، وقد وجد الكثير من ذلك وهو في ازدياد " [5] . [1] أخرجه الإمام أحمد في مسنده (4 / 332) حديث رقم (2926) ، وقال أحمد شاكر: إسناده صحيح. [2] انظر: فتح الباري لابن حجر (1 / 123) . [3] أخرجه البخاري في صحيحه: كتاب الرقاق (7 / 188) . [4] جامع العلوم والحكم (36) . [5] فتح الباري (13 / 88) .