فأخبرهم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " صدق، والذي نفسي بيده، لا تقوم الساعة حتى يكلم السباع الإنس، ويكلم الرجل عذبة [1] سوطه وشراك [2] نعله، ويخبره فخذه بما أحدث أهله بعده» [3] .
قال القرطبي: وفي هذا الحديث ما يرد على كفرة الأطباء والزنادقة الملحدين، وأن الكلام ليس مرتبطا بالهيبة والبله، وإنما الباري جلت قدرته يخلقه متى شاء في أي شيء شاء من جماد أو حيوان على ما قدره الخالق الرحمن، فقد كان الحجر والشجر يسلمان عليه صلى الله عليه وسلم تسليم من نطق وتكلم، ثبت ذلك في غير ما حديث، وهو قول أهل أصول الدين في القديم والحديث.
وثبت باتفاق حديث البقرة والذئب وأنهما تكلما على ما أخبر عنهما صلى الله عليه وسلم في الصحيحين، قاله ابن دحية [4][5] .
فهذه أخبار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم كلها أمارات للساعة، وإن كانت أمورا خارقة للعادة جارية على غير المألوف إلا أنه يجب الإيمان بها وتصديقها لثبوتها عنه صلى الله عليه وسلم. [1] العذبة: هي طرف الشيء. النهاية في غريب الحديث (3 / 195) . [2] الشراك: أحد سيور النعل التي تكون على وجهها. النهاية في غريب الحديث (2 / 467) . [3] أخرجه الإمام أحمد في مسنده (3 / 83، 84) والترمذي في سننه (4 / 476) . وقال: هذا حديث حسن غريب، وأخرجه الحاكم في المستدرك (4 / 468) ، وقال: هذا حديث صحيح. ووافقه الذهبي. [4] هو مجد الدين أبو الخطاب عمر بن حسن بن علي الجميل الكلبي الداني، العلامة المحدث، كان من أعيان العلماء ومشاهير الفضلاء، متفننا في الحديث والنحو واللغة وأيام العرب وأشعارها، توفي سنة 633 هـ.
سير أعلام النبلاء (22 / 389 - 394) ، شذرات الذهب (5 / 160) . [5] التذكرة في أحوال الموتى وأمور الآخرة ص: (746) .