وابن القيم حيث قال: "وأصحاب أبي حنيفة رحمه الله مجمعون على أن مذهب أبي حنيفة؛ أن ضعيف الحديث عنده أولى من القياس والرأي. وعلى ذلك بنى مذهبه، ثم ذكر أمثلة على ذلك، منها:
أنه منع قطع يد السارق بسرقة أقل من عشرة دراهم، والحديث فيه ضعف، وجعل الحيض عشرة أيام والحديث فيه ضعف، وشرط في إقامة الجمعة المصر، والحديث فيه ضعف، وترك القياس المحض في مسائل الآبار لآثار فيه غير مرفوعة..فيقدم الحديث الضعيف وآثار الصحابة على القياس والرأي. قوله وقول الإمام أحمد وليس المراد بالحديث الضعيف في اصطلاح السلف هو الضعيف في اصطلاح المتأخرين، يل ما يسميه المتأخرون حسنا قد يسميه المتقدمون ضعيفا" [1].
ونختم رد هذه التهمة بقول ابن أبي العز: "والواجب أن يقال لمن قال: إن أبا حنيفة خالف سيد المرسلين: هذا القول كذب وبهتان، وسب لهذا الإمام الجليل يستحق قائله الردع والزجر عن هذه المقالة الباطلة، إن أراد أنه خالفه عن قصد، وإن أراد به أنه خالف عن تأويل أو ذم القول، ولم يذكر قائله، فهو هين كما يوجد في كلام المختلفين في مسائل الاجتهاد ... ".
إلى أن قال: "مخالفة النص إذا كانت عن قصد فهي كفر، وإن كانت عن اجتهاد فهي من الخطأ المغفور؛ فلا يجوز أن يقال عن أبي حنيفة ولا عمن دونه من أهل العلم فيما يوجد من أقواله مخالفا للنص أنه خالف الرسول صلى الله عليه وسلم قصدا بل إما أن يقال: النص لم يبلغه [2]، أو لم يظهر له [1] أعلام الموقعين 1/77. [2] عاش الإمام أبو حنيفة رحمه الله تعالى في عصر لم يكتمل فيه جمع السنة وفي =