والمناسبة بين هذا المعنى والمعنى اللغوي: أن كل معاني لفظ "الرب" في اللغة صادقة على الله سبحانه وتعالى؛ فهو المربي للأشياء الذي ينميها وينقلها في أطوار مختلفة حتى يبلغ بها ما قدر هو لها، وهو المالك لها والسيد عليها والمدبر لمصالحها والقائم بحفظها قيوم السموات والأرض ومستحق العبادة حقا بربوبيته للخلق، لهذا كانت شؤون الربوبية كلها من الخلق والرزق والملك والتدبير والتصريف مختصة به سبحانه وتعالى لا يشاركه فيها أحد من خلقه، ومن جعل شيئا من ذلك لغير الله فقد ناقض نفسه وارتكب بابا من أبواب الشرك [1].
3- خصائص توحيد الربوبية
1- أن توحيد الربوبية دليل على توحيد العبادة فإن الله سبحانه وتعالى احتج على المشركين الذي أخلوا بتوحيد الألوهية بإقرارهم بالربوبية كما قال تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ فِرَاشاً وَالسَّمَاءَ بِنَاءً وَأَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقاً لَكُمْ فَلا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَاداً وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ} "سورة البقرة: الآيتان 22".
فأمر سبحانه وتعالى بعبادته وذكر البرهان على أنه مستحق للعبادة وهو قوله: {الَّذِي خَلَقَكُمْ} إلى قوله: {رِزْقاً لَكُمْ} وهو برهان على بطلان إلهية ما سواه ولهذا قال: {فَلا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَاداً} وقوله تعالى: {وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ} إلزاما لهم بما يقرون به.
2- أن إقرار الناس بالربوبية أسبق من إقرارهم بتوحيد الألوهية، [1] كتاب دعوة التوحيد للهراس ص31، 32.