هو الغاية العظمى من بعثة الرسل، وأنهم إذا أثبتوه بالدليل فقد أثبتوا غاية التوحيد [1].
وفي ذلك يقول الشيخ محمد عبده: "أصل معنى التوحيد اعتقاد أن الله واحد لا شريك له ... وهو إثبات الوحدة لله في الذات والفعل في خلق الأكوان، وأنه وحده مرجع كل كون ومنتهى كل قصد. وهذا المطلب كان الغاية العظمى من بعثة النبي صلى الله عليه وسلم كما تشهد به آيات الكتاب العزيز" [2].
والرد على هذا ما يلي:
"أ" أن توحيد الربوبية نوع من التوحيد فهو بعضه لا جميعه، وقد أقر به المشركون، فكيف مع ذلك يكون هو الغاية العظمى من بعثة الرسل؟.
"ب" أن مجرد الإقرار بهذا التوحيد فقط لا يوجب الدخول في الإسلام ولا يصير به الرجل مسلما.
فمشركوا العرب كانوا مقرين بأن الله تعالى وحده خالق كل شيء، ومع هذا سماهم مشركين، حيث قال عنهم: {وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلا وَهُمْ مُشْرِكُونَ} "سورة يوسف: الآية106".
فالمراد بقوله تعالى: {وَمَا يُؤْمِنُ} هو تصديقهم واعترافهم بأن الله تعالى هو الخالق الرازق المحيي المميت، والمراد من قوله تعالى: {إِلا وَهُمْ مُشْرِكُونَ} أي أنهم أشركوا مع الله في عبادته وهذا ما فسر به السلف هذه الآية [3]. [1] انظر اقتضاء الصراط المستقيم 2/845-846؛ ومجموع الفتاوى 3/98؛ وفتح المجيد ص13. [2] رسالة التوحيد ص43. [3] كابن عباس ومجاهد وعطاء وعكرمة والشعبي وقتادة والضحاك. انظر جامع البيان 14/77. ومعالم التنزيل 2/452.