كثيرة؛ فيحسن تفصيل القول في دلالة هذه الآيات.
1- أما دلالة الأنفس
فمثالها قوله تعالى: {وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْأِنْسَانَ مِنْ سُلالَةٍ مِنْ طِينٍ ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَكِينٍ ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَاماً فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْماً ثُمَّ أَنْشَأْنَاهُ خَلْقاً آخَرَ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ ثُمَّ إِنَّكُمْ بَعْدَ ذَلِكَ لَمَيِّتُونَ} "سورة المؤمنون: الآيات من 12-15".
فهذه الآيات تلفت نظر الإنسان إلى أنه كان نطفة في الرحم فصارت النطفة علقة ثم مضغة ثم لحما وعصبا وعظاما وأعضاء وحواس.
ثم يخرج بعد تلك الأطوار بشرا سويا صوِّر على أحسن صورة وخلق على أحسن خلقة، ثم تتعاقب عليه الأحوال من كبر وصغر، وضعف وقوة، وجهل وعلم، ومرض وصحة، ثم الموت والفناء لكل حي فلا بد لهذه التغيرات من مغير عالم قادر حكيم. وفي هذا المعنى يروي عن الإمام أبي حنيفة رحمه الله تعالى أنه سئل: ما الدليل على الصانع؟ فأجاب: أعجب دليل النطفة التي في الرحم والجنين في البطن، يخلقه الله في ظلمة البطن وظلمة الرحم وظلمة المشيمة ... فلما رأينا امرأة تلد مرة ذكرا ومرة أنثى ومرة توأمين وطورا ثلاثة.
وتريد أن تلد فلا تلد، وتريد ألا تلد فتلد، وتريد الذكر فيكون الأنثى، وتريد الأنثى فيكون الذكر، على خلاف اختيار الأبوين؛ فعرفنا قطعا قدرة قادر عالم حكيم" [1]. [1] قلائد عقود العقيان في مناقب أبي حنيفة النعمان ""ق-77-ب".