حكم مرتكب الكبيرة:
نصوص الكتاب والسنة تدل دلالة واضحة على أن مرتكب الكبيرة لا يكفر ولا يخرج من الدين بسبب ارتكابه للكبيرة، وإنما ينقص إيمانه فلا يذهب عنه الإيمان بالكلية، بل يبقى معه مطلق الإيمان، وارتكاب الكبيرة ليس سببا للخلود في النار، إلا الشرك بالله.
قال تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدِ افْتَرَى إِثْماً عَظِيماً} "سورة النساء: الآية48".
قال ابن جرير في تفسير هذه الآية: "وقد أبانت هذه الآية أن كل صاحب كبيرة ففي مشيئة الله إن شاء عفا عنه، وإن شاء عاقبه عليها ما لم تكن الكبيرة شركا بالله" [1].
قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالأُنْثَى بِالأُنْثَى فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَدَاءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ} "سورة البقرة: الآية178".
فسمى المقتول أخا للقاتل: {فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ} .
وقال تعالى: {وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ فَإِنْ فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ} "سورة الحجرات: الآية9".
فالإيمان والأخوة الإيمانية لا يزولان مع وجود الاقتتال كغيره من الذنوب والكبائر التي دون الشرك[2]. [1] جامع البيان 5/126. [2] انظر تفسير الكلام المنان 7/134، 135.