والقول الثاني: قال به الغزالي [1] والذهبي [2] وابن أبي العز [3]. وفي ذلك يقول ابن أبي العز: "الاختلاف الذي بين أبي حنيفة والأئمة الباقين من أهل السنة صوري فإن كون أعمال الجوارح لازمة لإيمان القلب أو جزء من الإيمان مع الاتفاق على أن مرتكب الكبيرة لا يخرج من الإيمان، بل هو في مشيئة الله إن شاء عذبه وإن شاء عفا عنه نزاع لفظي، لا يترتب عليه فساد اعتقاد" [4].
وأما شيخ الإسلام ابن تيمية فذهب إلى أن الخلاف لفظي في بعض من المسائل المتنازع فيها، حقيقي في بعضها. وفي ذلك يقول: "إنه لم يكفر أحد، من السلف من مرجئة الفقهاء، بل جعلوا هذا من بدع الأقوال والأفعال، لا بدع العقائد، فإن كثيرا من النزاع فيها لفظي، لكن اللفظ المطابق للكتاب والسنة هو الصواب" [5].
ويقول: " ومما ينبغي أن يعرف أن أكثر التنازع بين أهل السنة في هذه المسألة هو نزاع لفظي وإلا فالقائلون بأن الإيمان قول من الفقهاء ـ كحماد بن أبى سليمان وهو أول من قال ذلك، ومن اتبعه من أهل الكوفة وغيرهم ـ متفقون مع جميع علماء السنة على أن أصحاب الذنوب داخلون تحت الذم والوعيد وإن قالوا: إن إيمانهم كامل كإيمان جبريل، فهم يقولون: أن الإيمان بدون العمل المفروض ومع فعل المحرمات يكون صاحبه مستحقا للذم والعقاب كما تقوله الجماعة. ويقولون: أيضا أن من [1] كما في روح المعاني 9/167. [2] سير أعلام النبلاء 5/33. [3] شرح العقيدة الطحاوية ص362، ط دار البيان. [4] شرح العقيدة الطحاوية ص362. [5] كتاب الإيمان ص337، ط المكتب الإسلامي.