أما الأدلة العقلية فلا تأويل لها بل تأويلها محال [1].
فالحاصل أن منهج الماتريدية في نصوص الوحي منهج فاسد باطل؛ لأنه صريح في أن العقل أصل. والشرع فرع، لأن نصوص الشرع إذا كانت مخالفة لعقولهم فهم إما أن يردوها أو يؤولوها أو يفوِّضوها، لذلك أوّلوا نصوص كثير من الصفات. وأبقوا نصوص المعاد على ظواهرها، فلو كانت نصوص المعاد عندهم مخالفة لعقولهم لأوّلوها. وهذا كما ترى انحراف عن الطريق المستقيم.
فالواجب على كل مسلم أن يجعل ما قال الله ورسوله هو الأصل والعمدة فيسلم بنصوصهما، وينقاد لهما ولا يعترض عليهما، ولا يعارضهما برأيه ومعقوله وقياسه.
قال الطحاوي في بيان اعتقاد أهل السنة والجماعة على مذهب أبي حنيفة وصاحبيه: "ولا تثبت قدم الإسلام إلا على ظهر التسليم والاستسلام" [2].
وقال أبو المظفر السمعاني: "اعلم أن فصل ما بيننا وبين المبتدعة هو مسألة العقل؛ فإنهم أسسوا دينهم على المعقول، وجعلوا الاتباع والمأثور للمعقول، وأما أهل السنة، قالوا: الأصل في الدين الاتباع، والمعقول تبع. ولو كان أساس الدين على المعقول لاستغنى الخلق عن الوحي وعن الأنبياء صلوات الله عليهم، ولبطل معنى الأمر والنهي، ولقال من شاء [1] انظر شرح العقائد النسفية ص5، 42؛ وشرح المواقف 8/24، 110، 111؛ وإشارات المرام ص189-199؛ وشرح الإحياء 2/105-106؛ ونشر الطوالع ص238. [2] شرح العقيدة الطحاوية بتعليق الألباني ص 27.