ومن جملة تلك النصوص الدالة على هذا قوله عن صفة النزول: "ينزل بلا كيف" [1].
وقوله عن صفة الوجه واليد: "وله يد ووجه ونفس كما ذكره الله تعالى في القرآن، فما ذكره الله تعالى في القرآن، من ذكر الوجه واليد والنفس فهو له صفات بلا كيف" [2].
وقوله عن صفة الغضب والرضا: "لا يوصف الله تعالى بصفات المخلوقين، وغضبه ورضاه صفتان من صفاته بلا كيف" [3].
فيتبين لنا مما سبق أن عقيدة الإمام أبي حنيفة في الصفات تتركز حول الإيمان بما ثبت من النصوص؛ حيث يؤمن بمعناها كما جاءت دون زيادة حرف أو نقصانه، مع إرجاع العلم بكيفيتها وحقيقتها إلى الله تعالى، لأن الكيف والحقيقة من أمور الغيب التي لا يعلمها إلا الله، وليس للعقل مجال في بحثها، والخوض فيها، لأن العقول قاصرة عن إدراك كيفية تلك الصفات، فإذا كان الإمام أبو حنيفة رفض التأويل والتفويض المطلق، فما موقف الماتريدية من ذلك؟ وهل وافقوا الإمام أبا حنيفة؟ أم خالفوه؟.
والجواب عن هذا أن الماتريدية خالفوا الإمام أبا حنيفة فقالوا بالتفويض تارة تفويضا مطلقا، بل صرح أبو منصور الماتريدي أن آيات [1] كره الإمام الصابوني عن الأستاذ أبي منصور بن حمشاد في عقيدة السلف أصحاب الحديث ص42، والبيهقي في الأسماء والصفات ص456، وسكت عليه الكوثري، ونقله الإمام ابن أبي العز الحنفي في شرح العقيدة الطحاوية ص245، بتخريج الألباني، والقاري في شرح الفقه الأكبر ص60. [2] الفقه الأكبر مع شرحه للقاري ص58، 59؛ وشرح أبي المنتهى ص13، 14، وإشارات المرام ص187، 192. [3] الفقه الأبسط ص56، ونقله البياضي في إشارات المرام ص187.