المبحث الثاني: المقارنة في مسائل أصول الدين
أولا ـ الاستدلال على وجدود الله:
يتضح مما سبق أنا أبا حنيفة سلط طريقة القرآن الكريم في الاستدلال على وجود الخالق، مستغنيا بها عن أدلة المتكلمين من معاصريه ومناهجهم. ورأينا كيف كان تطبيقه لهذا المنهج في الاستدلال على وجود الله؛ حيث استدل بالفطرة السليمة المضطرة بطبعها إلى الإقرار بوجود الله تعالى، والاعتراف بالخالق، وإن طرأ فساد على هذه الطريقة فقد يزول بالتذكير والتعليم والإرشاد. ومن هنا كانت مهمة الأنبياء والدعاة إلى الله الدعوة والتذكير والإرشاد.
وترتكز دلالة الفطرة عند الإمام أبي حنيفة على نوعي الآيات في الأنفس والآفاق.
قال تعالى: {سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ} "سورة فصلت: الآية53".
فالتفكر في ملكوت السموات والأرض وفي الأنفس هو الطريق إلى الاستدلال على الخالق بالمخلوق.