نام کتاب : إعانة المستفيد بشرح كتاب التوحيد نویسنده : الفوزان، صالح بن فوزان جلد : 1 صفحه : 129
" {مِمَّا تَعْبُدُونَ} " يعني مما تعبدون من الأصنام والكواكب وغيرها، وهذا تحدٍّ لهم، تحدَّى آلهتهم وتبرّأ منها، ولو كانت قادرة لانتقمت منه، لأنه يتبرّأ منها على رؤوس الأشهاد، ويكفر بها، ومع ذلك لا تمسُّه بسوء؟، هذا دليل على بُطلانها.
" {إِلاَّ الَّذِي فَطَرَنِي} " يعني: الله سبحانه وتعالى، و" {فَطَرَنِي} "، يعني: خلقني، فالفَطْر معناه: ابتداء الخلق من غير مثال سابق، فلم يتبرّأ منه لأنه ربه وحده لا شريك له.
" {فَإِنَّهُ سَيَهْدِينِ} " وهذا معنى: لا إله إلاَّ الله، لأن قوله: " {إِنَّنِي بَرَاءٌ} " معناه: النفي؛ لا إله، " {ِلاَّ الَّذِي فَطَرَنِي} " معناه، الإثبات؛ إلاَّ الله. فهذه الآية فيها معنى لا إله إلاَّ الله، إذاً فهي تفسر لا إله إلاَّ الله بأن معناها ترك عبادة الأصنام، والبراءة منها، وإخلاص العبادة لله.
أما الذي يعبد الله ويعبد معه غيره، فهذا لم يحقق لا إله إلاَّ الله، وان كان يتلفظ بها بلسانه، فالذي يقول: لا إله إلاَّ الله ثم يذهب إلى القبور، ويطلب منها الحوائج، ويتمسح بها، ويستغيث بها، يطلب المدد منها، ويطوف بها. فهذا لم يتبرّأ من الشرك، فلا تنفعه لا إله إلاَّ الله ولو قالها عدد الأنفاس، لأن لا إله إلاَّ الله ليست مجرد لفظ يقال باللسان، وإنما لها مقتضى ومدلول ومعنى لابد أن يحقق، وهو عبادة الله والبراءة من الشرك والمشركين. فالذي لا يتبرّأ من الشرك فإنه لم يحقق لا إله إلاَّ الله، وإن تلفظ بها، وجعل له منها أوراداً صباحية ومسائية، ومعه سبْحَة طول الباع يسبِّح بها، ومعه أوراد يردِّدها وفيها لا إله إلاَّ الله آلاف المرّات، لا تنفعه أبداً حتى يفعل ما فعل إبراهيم- عليه الصلاة والسلام-، فيتبرّأ من الشرك.
" {وَجَعَلَهَا كَلِمَةً بَاقِيَةً} " جعل لا إله إلاَّ الله كلمة باقية في عقبه، في ذرية إبراهيم- عليه الصلاة والسلام-، فلا يزال فيها من يقول هذه الكلمة ويعمل بها إلى أن بعث محمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بها، ودعا إليها. بقيت في عَقِبه، وإن خالفها الأكثر، إلاَّ أنه يوجد في ذرية إبراهيم عليه السلام من التزم بها ولو كانوا قليلين، إلى أن بُعث محمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فلم تَخْلُ الأرض من التّوحيد ولله الحمد، ولا تخلو إلاَّ عند قيام الساعة، وإذا خلت الأرض من التّوحيد قامت القيامة، كما في الحديث: "لا تقوم الساعة وفي الأرض
نام کتاب : إعانة المستفيد بشرح كتاب التوحيد نویسنده : الفوزان، صالح بن فوزان جلد : 1 صفحه : 129